
- مشعل العازمي لـ «الأنباء»: دور «البلدية» رقابي على التزام الشركات بالعقود وأي حالات انتحال صفة تسلم إلى «الداخلية»
- بذلة العمال الصفراء موجودة في الأسواق لكن الشركات ملزمة بوضع اسمها بشكل واضح عليها
- تأخير الرواتب ليوم أو يومين بسبب الأعمال المحاسبية أمر وارد ولم ترد إلينا أي شكاوى حول عدم تسلم رواتب
- نتعاقد مع 17 شركة نظافة تخدم جميع مناطق الكويت أوكلت إليها مهمة التنظيف والنقل
- عمال النظافة ليسوا متسولين بل بعضهم مدّعو تسول وأحياناً تتم مساعدتهم على سبيل الصدقة
- بلدية العاصمة لم ترصد أي انتحال صفة.. ومسؤولية كبيرة على مراقب العمال بالشركة لمنع أي مخالفة
- منع تواجد العمال أوقات الذروة عند الإشارات وإدخالهم إلى المناطق وجولات دائمة لمفتشي البلدية
دارين العلي
ربما يزعج بعض الناس أو كثيرا منهم مشهد وقوف عامل النظافة عند ناصية الطريق أو أمام المنزل وتحت العمارة أو على إشارة المرور بوجهه الذي يمتلئ بالتعابير وبكثير من الانتظار لردة فعلك مع عبارة «السلام عليكم».
ربما يصادفنا يوميا هذا الموقف، الذي إذا نظرنا إليه من الناحية الإنسانية لوجدنا أنه لربما «الحاجة» تبرر الوسيلة، ولكن لو تناولناه من الناحية القانونية لوجدنا أنه مخالفة تعرض العامل للمساءلة وكذلك الشركة التي يعمل فيها بغض النظر عن الدوافع.
وتتقاطع الطرق بين الوضعين الإنساني والقانوني وتختلف الآراء في كلتا الحالتين فتضيع البوصلة ويتصدر العنصر الأمني، إذ تخرج إلى العلن قضية أعمق وأوسع، وهي امتهان هذا الأمر بعد أن تصبح القصة مربحة بل وأكثر من ذلك فتح المجال أمام انتحال الصفة لتحقيق هذه المكاسب والأرباح.
ويخرج علينا يوميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر أصحاب الرداء الأصفر في حالات مخالفة لقوانين وعقود النظافة كالتسول وجمع النفايات بطرق غير قانونية وبيعها كالألمنيوم والأوراق والصناديق وغيره، فهل هؤلاء عمال نظافة فعلا أم منتحلو صفة بزي عمال نظافة لعمالة عشوائية وجدت من هذا الأمر أسلوبا سهلا لجني الأموال إما بشكل فردي بسبب الحاجة أو بشكل منظم لمزيد من الكسب؟ أين تقف البلدية من هذا الأمر؟ وما دورها في التصدي لهذه المخالفات الأمنية والقانونية بشكلها غير الحضاري الذي يسبب قلقا وإحراجا لدى العامة من المواطنين والمقيمين بغض النظر عن أسبابها؟ أسئلة توجهت بها «الأنباء» إلى مدير ادارة أعمال النظافة وإشغالات الطرق فرع بلدية العاصمة مشعل العازمي الذي أكد على أهمية طرح هذا الموضوع الذي يسبب قلقا لدى العامة.
قال مدير ادارة أعمال النظافة وإشغالات الطرق فرع بلدية العاصمة مشعل العازمي ان البلدية تتعاقد مع 17 شركة نظافة تخدم جميع مناطق الكويت أوكلت إليها مهمة التنظيف، مشيرا إلى أن دور البلدية رقابي على التزام الشركات ببنود العقد والشركة مسؤولة أمام البلدية بالتزام عمالتها بجميع القواعد وبنود العقد.
انتحال صفة
وفيما يتعلق بإمكانية انتحال صفة عامل نظافة، لفت إلى ان بعض العمالة قد تقوم بلبس البذلة الصفراء المعروفة لعمال النظافة، وقد تم اكتشاف ورصد عدد من الحالات التي يتم التعامل معها من قبل جهات أخرى معنية وهي وزارة الداخلية، وفي حال رصد مفتشي البلدية حالة انتحال صفة لعمال النظافة يتم إبلاغ عمليات وزارة الداخلية، وهي الجهة المعنية بالتعامل مع الأمر.
وأضاف أن ملابس العمالة موجودة في الأسواق والشركات ملتزمة بعمالتها وبوضع اسم الشركة على ظهر الرداء وإذا رصدت الشركة عاملا ينتحل صفة عامليها فعليها الإبلاغ بأنه يخرج عن مسؤوليتها، وبالتالي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة من الجهات المعنية، مؤكدا أنه في بلدية محافظة العاصمة لم يتم حتى اليوم رصد حالات كهذه.
عمال نظافة.. ولكن
حول نعت البعض عمال النظافة بالمتسولين، قال العازمي انه تخرج شكاوى من هنا وهناك بذلك، قائلا «حقيقة هم ليسوا متسولين، لكن أحيانا تتم مساعدة العامل من قبل الناس باعتبارها صدقة»، لافتا إلى أن هذا الأمر يعود للشخص المعطي، فهو يعلم أن هناك جمعيات خيرية تستقبل الصدقات ويمكن أن تساعد هذا العامل بنفسها إذا كان يحتاج للمساعدة.
وأضاف أن المشكلة أننا لا نفرق بين المتسول ومدعي التسول، فالمتسول معروف وليس من اختصاص البلدية التعامل معه، أما مدعي التسول والتي نشاهدها أحيانا على إشارات المرور بين العمال فيتم التعامل معهم عبر عدة قرارات منها منع وجود العمال أثناء الذروة عند الإشارات وانما دخولهم إلى المناطق، بالإضافة إلى جولات المفتشين الدائمة، كما أن هناك مسؤولية كبيرة على مراقب العمال التابع للشركة لمنع أي مخالفة في هذا الشأن.
رواتب العمالة
وشدد العازمي حول بند تسليم العمالة رواتبهم، على أن «البلدية» تتأكد من مدى التزام الشركة بدفع رواتب العمالة، فمن شروط العقد تقديم كشف بنكي يفيد بصرف الرواتب وعلى أساسه تدفع الفواتير للشركة، وفي حال تخلفها يمكن للبلدية حجز قيمة رواتب العمالة وصرفها عن طريق البلدية وذلك حفاظا على الأمن الوظيفي والمادي للعامل، إذ يجبر العقد شركات النظافة على تسديد الرواتب في وقتها.
ولفت العازمي إلى أن تأخير الرواتب ليوم أو يومين بسبب الأعمال المحاسبية أمر وارد، إلا أنه لم يتم، وعلى مدى 15 عاما من عقود النظافة، تخلف أي شركة عن دفع مستحقات عمالها، مشيرا إلى أنه في عام 2008 صدر قرار من مجلس الوزراء بزيادة راتب العمالة على خلفية مشكلة مشابهة وتم وضع شروط للكشف عن الرواتب عبر وزارة الشؤون يثبت أنه تم صرف الرواتب للعمالة، ولم ترد لدينا أي شكوى حول عدم دفع الرواتب.
مسؤولية متابعة العمالة
وكرر العازمي تأكيده على أن مسؤولية متابعة العمالة تعود للشركات، أما بلدية الكويت فدورها رقابي حول مدى التزام الشركة ببنود العقد، وقد تتعرض الشركة للمخالفة لإخلالها ببنود النظافة والتزام العمالة والآليات بالحضور والانصراف وغيرها من من المخالفات.
وأوضح ان شركات النظافة تقدم كشوف البطاقات المدنية وأسماء العمال المشمولين بالعقد، وفي حال تغيير العمالة يتم التبليغ بذلك وفق قوانين وشروط وزارة الشؤون، فاستخدام الشركة عمالة شركات أخرى غير مسجلة على كشوفاتها يعرضها للمخالفة، وفي حال استعانت الشركة بعمالة ليست على كفالتها بسبب نقص لديها، وللمحافظة على بند نظافة المنطقة يتم ابلاغ البلدية وتتعرض حينها الشركة لخصم تشغيل عمالة ليست على كفالتها فقط لتتجنب غرامة عدم نظافة المنطقة.
خطر اجتماعي وأمني وبأسلوب يشكّل إحراجاً للمواطنين ويشوّه صورة الكويت الحضارية
خضر البارون: عمال النظافة يمارسون التسول المقنّع ومقترح لإنشاء صندوق دعم لهم لتنظيم مساعداتهم
أكد الأستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت د.خضر البارون، أن هذه الظاهرة باتت تشكل إحراجا كبيرا للمواطنين وتشوه صورة الكويت الحضارية، لافتا إلى أن عددا من عمال النظافة حاليا باتوا يمتهنون الأمر وليس مجرد مساعدة.
وقال إن المواطنين والمقيمين يقومون بمساعدتهم بنية الصدقة، لافتا إلى ان الأمر يمكن أن يتحول إلى خطر أمني، حيث بات العمال يعرفون مناطقهم جيدا ويدركون من الذي يعطيهم ومن الذي يتجاهل طلبهم وباتوا يرصدون المنازل ويعرفون متى يخرج أصحابها منها وبالتالي يمكن أن يقوموا بدخولها للسرقة.
وتحدث البارون عن أن بعض عمال النظافة داخل الجامعة قد تحولوا إلى «آمر بوابة» لا يمكن الدخول إلى الجامعة دون المرور عليهم وهذا يسبب إحراجا للأساتذة، ما استدعى مطالبة المراقب الخاص بهم بمنعهم من هذا التصرف.
ولفت إلى أن الجميع يقوم بمساعدتهم بدافع إنساني ولأن ديننا حثنا على المساعدة إلا أنه يجب تنظيم الأمر لتجنب المشاكل الأمنية وعدم تشويه وجه الكويت الحضاري، وذلك عبر إنشاء صناديق لمساعدة العمال تنظمه جهة رسمية سواء البلدية أو «الشؤون» يمكن للعامل من خلاله أن يستفيد من عطاء الناس وبشكل لائق.
الشركات التجارية والتابعة للبلدية
تحدث العازمي عن لبس يمكن أن يقع فيه البعض حول شركات النظافة، فهناك شركات تابعة للبلدية وفقا لعقود معها، وهناك شركات تجارية تتعاقد معها المطاعم والشركات الخاصة، فمثلا غالبية الحاويات الموجودة على امتداد شارع الخليج عند الأبراج تابعة للشركات التجارية التي تتعاقد معها المطاعم هناك وليست لبلدية الكويت، ويمكن أن تكون العمالة هناك تابعة لهذه الشركات التجارية وليس لشركات بلدية الكويت، موضحا أن كل شركة تابعة للبلدية ملزمة بأن تضع على لباس عمالها اسم الشركة بشكل واضح على ظهر العامل، كما يلزم العامل بوضع هوية العمل الخاصة به أثناء قيامه بعمله.
الباعة المتجولون
حول موضوع بيع العمالة لبعض السلع، أكد العازمي أنه لا يوجد باعة متجولون بلباس عمال النظافة، لكن يتم رصد عدد كبير من الحالات الباعة المتجولين متواجدة بكثرة ويتم التعامل معها بالتعاون مع وزارة الداخلية وتحرير محاضر مخالفة التي لا تضمن الصلح ومصادرة البضاعة ويتم اتلاف بعضها وممكن أن تصل إلى الإبعاد التجاري، حيث تكثر المخالفات من هذا النوع في سوق المباركية وعلى الشواطئ وأمام سوق الجمعة وبين الكاراجات، لافتا إلى ان الاحصائيات تشير إلى ان عدد المخالفات يمكن أن يصل إلى 300 مخالفة شهريا.
فيديوهات ترصد المخالفات
تطرق العازمي إلى أحد الفيديوهات التي انتشرت مؤخرا حول أحد عمال النظافة يقوم بالعبث بالحاويات وفرز النفايات، لافتا إلى انه إذا كان العامل يتبع احدى شركات النظافة المتعاملة مع «البلدية» يتم تطبيق عقوبتين على العامل وعلى الشركة الموكلة بجمع ونقل النفايات وليس فرز النفايات.
ولفت إلى أنه ليس واضحا العامل الذي ظهر بالفيديو كان تابعا لشركات عقود البلدية ام لا، إلا أن أسلوب جمع النفايات الذي ظهر غير سليم، فالعامل لديه أدواته الخاصة لجمع النفايات وتم إبلاغ مركز المدينة للتحقق من الفيديو.
لكل موقع ثمن
يتداول بعض المتابعين لقضية تسول عمال النظافة قيام بعض العمال ببيع مواقعهم أو تأجيرها لآخرين سواء لعمال نظافة زملاء أو منتحلي صفة، حيث تختلف أسعار المواقع وفق أهميتها الاستراتيجية، أي نسبة التحصيل فيها، بين المنازل أو عند إشارة مرورية محددة أو أمام مدرسة معينة، وكذلك يلعب عنصر الوقت دورا كبيرا في تحديد سعر الموقع.
شركات النظافة
أكدت مصادر تابعة لشركات النظافة، أن الشركات ملتزمة بتسديد الرواتب، وأنها تحاول عبر المراقبين التنبه لبعض المظاهر التي يقوم بها العمال أحيانا، وأن مسألة انتحال الصفة تخرج من نطاق مسؤوليتها، إذ إنها تحمي نفسها بوضع كشوف حول أسماء العاملين وأوقات وردياتهم وأماكنها بشكل مفصل لدى البلدية، وتقوم بالتحديث والتعديل بشكل دوري أو في حال حصول أي تغيير على الكشوف.