التسويف: أسبابه ونصائح للتغلب عليه

[ad_1]

سنوضح في هذا المقال كيف يسيطر التسويف على حياتنا حتى تتمكن من فهم بعض الاستراتيجيات وتطبيقها بسهولة للتوقف عنه.

لماذا نسوِّف؟

تكمن غرابة التسويف في أنَّنا نحاول بشدةٍ تجنب إنجاز مهمة اخترناها مسبقاً بوصفها أفضل طريقة لقضاء وقتنا؛ فنحن نعرف أنَّ ما نريد فعله رائعٌ جداً؛ ولكنَّنا نفضِّل فعل أيِّ شيء آخر.

توجد نظريتان تفسران ذلك: عدم اتساق الوقت ونموذج داست (Dust):

1. عدم اتساق الوقت:

يعني عدم اتساق الوقت ميل عقولنا إلى تقدير المكافآت الفورية أكثر من المكافآت المستقبلية، وأسهل طريقة لفهم هذا المفهوم هي تخيل أنَّك مكون من شخصين: ذاتك الحالية وذاتك المستقبلية؛ فعندما تحدد هدفاً ما، مثل تأسيس شركتك الخاصة، فهذا الهدف خاص بذاتك المستقبلية؛ فهي تدرك أنَّ اتخاذ الإجراءات ذات الفوائد طويلة الأمد أمرٌ هامٌ جداً.

يمكن لذاتك المستقبلية تحديد الأهداف، بينما ذاتك الحالية فقط هي التي يمكنها اتخاذ الإجراءات؛ لكنَّ المشكلة هي أنَّ نفسك الحالية تهتم بالإشباع الفوري فقط، فإذا لم تحقق المهمة فائدة فورية، لن يكون لديك أيُّ دافع للقيام بها.

يؤدي ذلك إلى حدوث فجوة بين ما تريد القيام به وما تقوم به بالفعل؛ تريد نفسك في المستقبل العمل على تأسيس شركة؛ لكنَّ نفسك الحالية تريد مشاهدة التلفاز، فهذا الاختلاف هو الدافع الأساسي للتسويف.

2. نموذج داست (Dust):

رغم أنَّ التسويف يبدأ بوصفه نتيجة لعدم اتساق الوقت، فإنَّ عواطفنا تفاقم المشكلة أيضاً، نموذج داست هو طريقة بسيطة لتحديد العواطف التي تحفز التسويف، ويشمل هذا النموذج:

  • المهام الصعبة (Difficult): تؤدي المهام الصعبة إلى التسويف، ويحدث هذا عادةً عندما تفتقر إلى الثقة أو المهارة.
  • المهام غير الواضحة (Unclear): تُصعب المهام غير الواضحة بدء العمل؛ وذلك لأنَّك لم تحدد نتيجةً دقيقةً للعمل عليها.
  • المهام المخيفة (Scary): يسهم الخوف في التسويف؛ فأدمغتنا مصممةٌ لتحافظ على سلامتنا؛ لذلك سوف تسوِّف لإبقائنا في حالةٍ مريحةٍ.
  • المهام المملة (Tedious): قد نؤجل القيام ببعض المهام؛ لأنَّها من الضروريات المملة؛ فهي لا تجلب أيَّة متعة أو سعادة، لكن يجب إنجازها، مثل ملء جدول بيانات في العمل؛ إذ يقول المؤلف الأمريكي جورج هـ. لوريمر (George H. Lorimer): “إنَّ تأجيل أمر سهل يجعله صعباً، وتأجيل أمر صعب يجعله مستحيلاً”.

شاهد بالفيديو: 10 طرق للتغلب على المماطلة والتخلص منها

 

كيف تتوقف عن التسويف؟

نظراً لأنَّ الفوائد طويلة الأمد لا تحفز ذاتنا الحالية؛ فنحن بحاجة إلى جعل المكافآت والعواقب المستقبلية جزءاً من الوقت الحاضر.

هذا ما يحدث بالضبط عندما تؤجل مشروعاً حتى اللحظة الأخيرة؛ إذ تشعر بقليل من القلق قبل حلول الموعد النهائي؛ لكنَّه ليس كافياً لتفعل أيَّ شيء حيال ذلك، ثم فجأةً في اليوم السابق للموعد النهائي، تصبح العواقب المستقبلية مصدر قلق حالي؛ لذلك تكتب التقرير قبل الموعد المحدد؛ ففي هذا السيناريو، لم يعد التقرير هدفاً مستقبلياً؛ بل أصبح واجباً حالياً.

إذاً لكي تتوقف عن التسويف، عليك أن تُسهل على ذاتك الحالية أن تشعر بالحماسة وتبدأ العمل، وتوجد طريقتان لفعل ذلك:

1. قياس التقدم:

من السهل أن تشعر بفقدان الدافع عندما لا تعرف ما إذا كنت تحرز تقدماً أو لا، لهذا السبب تحتاج إلى جعل نجاحك قابلاً للقياس بطريقة ما؛ فيصبح البدء سهلاً عندما تعرف بالضبط إلى أيِّ مدى ستقربك إنجازاتك الحالية من هدفك، ومن الطرائق الرائعة لجعل المهام قابلةً للقياس استخدام إشاراتٍ مرئية، مثل استراتيجية مشبك الورق.

على فرض أنَّ لديك 100 مكالمة مبيعات يتعين عليك إجراءها في اليوم، لاستخدام استراتيجية مشبك الورق، عليك أن تُحضر مرطبانين؛ أحدهما فارغ والآخر به 100 مشبك ورق، انقل مشبك ورق واحد إلى الجرة الفارغة مع كلِّ مكالمة تجريها حتى تُنقَل جميعاً.

تنجح هذه الطريقة غالباً بسبب تأثير التقدم الممنوح؛ إذ يصبح الناس متحمسين عندما يرون مدى تقدمهم نحو هدفهم؛ إذ إنَّ رؤية تقدمك تحفزك على العمل المنتج وتمنحك هدفاً قصير الأمد.

2. تقسيم المهام:

إنَّ أكثر المهام إحباطاً هي تلك التي تستغرق أياماً عديدة حتى تنتهي، مثل كتابة تقرير؛ إذ تقضي أحياناً يوماً كاملاً في العمل دون أن تُكمل المشروع في النهاية، إنَّه أحد أكثر الأسباب التي تثير التسويف.

طريقةٌ ممتازة للتغلب على هذا الشعور اليائس هي تقسيم المهمة؛ أي أن تُقسِّم مهمتك الكبيرة إلى أجزاء متعددة أصغر.

من الأمثلة على هذه الطريقة هو “روتين الـ 15 دقيقة” الذي استخدمه المؤلف أنتوني ترولوب (Anthony Trollope)، فبدلاً من قياس تقدمه بعد إكمال الفصول أو الكتب، قاسه بكتابة أجزاءٍ صغيرةٍ مدة العمل عليها 15 دقيقة؛ إذ كان يكتب 250 كلمة كلَّ 15 دقيقة؛ فأعطته استراتيجيته إنجازات قصيرة الأمد بينما ساهمت في المهمة الكبيرة المتمثلة بتأليف كتابٍ كامل.

تُقلِّل الإنجازات الصغيرة صعوبة بدء المهام وتمنحك مزيداً من الدافع في أثناء العمل، إنَّها تُحفزك في الحاضر وتُساهم في تحقيق هدفك المستقبلي أيضاً.

التعامل مع نموذج داست:

يمكننا لتقليل دور عواطفنا في التسويف استخدام الحلول الآتية للتعامل مع نموذج داست؛ فهي ليست أفكاراً مميزة؛ ولكنَّها بمنزلة رسائل مفيدة تذكرك باتخاذ الإجراءات عندما تواجه هذه المشاعر السلبية، بدلاً من تحملها.

1. الصعوبة:

إذا كانت مهمتك صعبة، فإنَّ منح نفسك ما يكفي من الوقت لإنجازها هو أحد أكثر الأشياء المفيدة التي يمكنك القيام بها؛ لذا استخدم هذا الوقت الإضافي لتعلم المهارات اللازمة وإنشاء خطة عمل مناسبة؛ إذ سيزيد ذلك ثقتك بنفسك أيضاً.

2. عدم الوضوح:

عندما تكون قائمة مهامك غير واضحةٍ لدرجة أنَّك تعجز عن تحليلها، فإنَّك بحاجةٍ إلى تحديد نقطة بداية واضحة وهدف نهائي، ومن الضروري التأكد من أنَّ المهمة نفسها قابلة للتنفيذ ويمكن إنهاؤها، فعلى سبيل المثال بدلاً من قولك: “التحضير للعرض التقديمي”، قل: “سأسجل العرض الذي أقدِّمه حتى أحصل على بعض الآراء”؛ إذ يمنحك هذا التغيير الصغير إجراءً ملموساً يمكنك إكماله.

3. الخوف:

عندما تمنعك مخاوفك من المُضي قُدماً في مهمةٍ ما، فإنَّ إزالة الغموض فيها هي واحدة من أفضل الأساليب التي يجب اتباعها.

يشرح المؤلف تيم فيريس (Tim Ferriss) هذه التقنية في كتابه “4 ساعات عمل في الأسبوع” (The 4-Hour Work Week)؛ إذ يُفكر فيما يخشاه ويصف كلَّ نتيجة محتملة، إيجابيةً كانت أو سلبية، ثم يقيس كلَّ نتيجة محتملة على مقياس من واحد (أي دون أي تأثير في حياته) إلى عشرة (أي إنَّ النتيجة قادرةٌ على تغيير حياته إلى الأبد).

من خلال القيام بذلك، أدرك أنَّ معظم ما كان يخشاه كانت نتيجته مؤقتة لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة على المقياس، أمَّا النتائج الإيجابية فحصلت على ثمانية وتسعة؛ بمعنى أنَّه كان سيتخلى عن فرصةٍ قد تغير حياته، بسبب بعض الانزعاج المحتمل.

4. الملل:

عندما تكون المهمة مملةً ومُضجرة، فإنَّ أفضل حلٍّ هو توفير بيئة ممتعة أو منح نفسك حافزاً ما؛ فالمفتاح هنا هو إضافة أكبر قدر ممكن من المرح إلى المهمة.

على سبيل المثال: إذا كان عليك ملء جدول بيانات في العمل، يمكنك الاستماع إلى الموسيقى أو مدونةٍ صوتية (بودكاست)، أو يمكنك أن تأخذ قسطاً من الراحة كلَّ 30 دقيقة للمشي أو لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي.

في الختام:

يجبر التسويف معظم الناس على تحمل الحياة، كما هي دون تغيير؛ إذ يجلسون ويعانون ويتخلون عن فرصتهم في عيشها، وسوف يساعدك هذا الدليل على التوقف عن التسويف حتى تتمكن من عيش الحياة التي تريدها.

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى