التنمية المستدامة: أهدافها ومجالاتها وكيفية تحقيقها

[ad_1]

عُدَّت التنمية المستدامة ضرورية من أجل تحقيق العدالة في توزيع الثروة والموارد بين الأجيال الحالية والمستقبلية والتأكيد على ضرورة عدم إلحاق الضرر بالأجيال القادمة عن طريق استنزاف موارد البيئة أو القيام بتلويثها أو وجود ديون عامة يجب على تلك الأجيال الإيفاء بها، وإهمال تنمية الموارد البشرية في المجتمع، وهذا يسبب مشكلات مستقبلية نتيجة عدم اتخاذ التدابير الجيدة والصحيحة في الوقت الحاضر.

التنمية في مضمونها تعني القدرة على تلبية حاجات الأفراد الحالية دون الإضرار بإمكانية حصول الأجيال القادمة على ما يحتاجون أيضاً، وبتعبير أبسط تعني إيجاد توازن بين النظام الاقتصادي دون أن يتم استنزاف الموارد الطبيعية، إضافة إلى مراعاة الأمن البيئي.

مفهوم التنمية المستدامة:

تبلور مفهوم التنمية المستدامة لأول مرة في تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية الذي حمل عنوان (our common future) الذي نُشر في أول عام 1987، ومفهوم التنمية المستدامة متعدد المعاني فمنهم من اهتم بالجانب البيئي، ومنهم من انصب اهتمامه على الجانب الاجتماعي والإنساني، ومنهم من ركز على الجانب الاقتصادي، ومنهم من عُني بالجانب التقني، وفيما يأتي سوف نذكر أهم تلك التعريفات التي توضح معنى التنمية المستدامة:

1. تقرير “برونتلاند”:

التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون التضحية أو الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.

2. مؤتمر منظمة الزراعة والأغذية العالمية (FAO):

إدارة قاعدة الموارد وصونها وتوجيه عملية التغيير البيولوجي والمؤسسي على نحو يضمن إشباع الحاجات الإنسانية للأجيال الحاضرة والمقبلة بصفة مستمرة في كل القطاعات الاقتصادية، ولا تؤدي إلى تدهور البيئة وتتسم بالفنية والقبول.

3. إدوارد باربر (Edward Barbier):

النشاط الاقتصادي الذي يؤدي إلى الارتفاع بالرفاهية الاجتماعية مع أكبر قدر من الحرص على الموارد الطبيعية المتاحة وبأقل قدر من الأضرار والإساءة البيئية.

4. روبرت سولو:

عدم الإضرار بالطاقة الإنتاجية للأجيال القادمة والمحافظة على الوضع الذي ورثه الأجيال، وقد توسع في مفهوم الطاقة الإنتاجية فَعَدَّها ليست فقط الموارد الاستهلاكية التي تستهلكها الأجيال الحالية؛ بل تتعدى ذلك فتشمل إلى جانبها المادي الجانب المعنوي أو المعرفي الذي يشتمل على طبيعة وحجم الادخار ونوعية الاستثمار لفائض القيمة، إضافة إلى مبدأ الاستهلاك الرشيد للموارد الاقتصادية الحالية والمستقبلية.

شاهد بالفديو: 10 طرق سهلة لتكون صديقاً للبيئة

 

أهداف التنمية المستدامة:

  1. الحفاظ على خصائص ومستوى أداء الموارد الطبيعية والنظم البيئية في وضعها الحالي والمستقبلي من أجل بناء شراكة حقيقية مع أجيال المستقبل.
  2. تحسين مستوى معيشة أفراد المجتمع والتركيز على طريقة توزيع العائدات الاقتصادية على النوع أكثر من القيمة.
  3. الحد من الأضرار والإخلال بالتوازن البيئي للحفاظ على الموارد الطبيعية؛ إذ تشجع على استخدام عمليات سليمة تكون أكثر توافقاً مع البيئة وتضمن عدم نضوبها وتكفل الزمن اللازم لتجدد هذه الموارد.
  4. تشجيع التنمية المستدامة على اكتشاف واستخدام الوسائل التقنية ذات الأضرار المحدودة.
  5. تعديل أنماط الاستثمار وطرائق الإنتاج وأنماط الاستهلاك لتجنب الإسراف في استهلاك الموارد المتاحة.
  6. إعادة تدوير النفايات والمواد ومحاولة الاستفادة منها في مجال الطاقة والصناعات المختلفة.
  7. الاختيار الصحيح لموقع المشروعات الصناعية وبالشكل الذي يحمي البيئة من التلوث ولا سيما المياه.
  8. تحقيق العدالة الاجتماعية بين الأجيال الحالية والأجيال القادمة من حيث نصيب كل جيل من الموارد الطبيعية والمادة سواء المتجددة أم غير المتجددة.
  9. وضع أولويات استهلاك الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة.
  10. التعاون على المستوى الإقليمي والدولي لمواجهة متطلبات البيئة والمشكلات التي تواجهها.
  11. تهدف التنمية المستدامة إلى تشجيع المشاركة الشعبية لممارسة دورها الرقابي على السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الصعيد المحلي وعلى صعيد الدولة عموماً.
  12. تشجيع الاتفاقيات التطوعية التي تقام بين أفراد المجتمع والتي تكون أكثر كفاءةً في السعي إلى استمرار الاستدامة في التنمية.
  13. تحقيق نمو الدخل مع التأكيد على الإنصاف في توزيعه.
  14. ضمان التغذية الصحية والحصول على الرعاية الصحية الجيدة.
  15. ضمان حصول أفراد المجتمع على فرص التعليم.
  16. الحفاظ على مصادر الطاقة خصوصاً.

مجالات التنمية المستدامة:

1. المجال الاقتصادي:

يتضمن المؤشرات الحالية والمستقبلية للنشاطات الاقتصادية ضمن المحيط الذي يعمل ويقوم باستهلاك ما ينتج؛ إذ تستند الاستدامة الاقتصادية إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية لتحسين كل من عمليتي الإنتاج والاستهلاك، ومن النقاط الأساسية التي يناقشها هذا المجال:

الاستهلاك من الموارد الطبيعية:

من المعروف على المستوى العالمي أنَّ استهلاك الفرد الواحد من الموارد الطبيعية يختلف بين الدول الغنية والفقيرة، فالأفراد في البلدان الغنية يستهلكون أضعاف ما يستهلكه الأفراد في البلدان النامية؛ لذا تحث الاستدامة الاقتصادية على ضرورة قيام الدولة الغنية بإجراء تخفيضات على استهلاكها للموارد الطبيعية وموارد الطاقة خصوصاً من خلال تحقيق الكفاءة الاقتصادية والتغيير في أسلوب الحياة والتأكد من عدم إصدار مشكلاتهم البيئية إلى البلدان الأخرى.

أما بالنسبة إلى البلدان النامية فالتنمية الاقتصادية المستدامة تهدف إلى تكريس الموارد الطبيعية الموجودة فيها لتحسين المعيشة؛ إذ تَعُدُّ ذلك الهدف بمنزلة قضية أخلاقية.

الحد من التفاوت في الدخل:

تسعى التنمية المستدامة إلى تقليل الفوارق في المدخول بين الفقراء والأغنياء، وهذا يتضمن الحرص على تطبيق العدالة في التوزيع لضمان حقوق الجميع من الموارد الموجودة، ويكون ذلك عن طريق القيام بمجموعة من السياسات منها زيادة الحد الأدنى من الأجور وتقديم إعانات البطالة وإعانات إصابات العمل وغير ذلك.

2. المجال الاجتماعي:

يتضمن المجال الاجتماعي الحديث عدداً كبيراً من القضايا التي أصبحت تمثل مشكلات محورية للعالم أجمع وتؤثر في طريقة العيش، مثل قضايا الصحة والسلامة وقضايا التعليم والحفاظ على رأس المال البشري والاجتماعي والطبيعي والقضايا المرتبطة بسوق العمل والبطالة والمهارات المطلوبة للعمل والمساواة بين الجنسين والتمييز ضد الأقليات والشعوب المعزولة وغيرها من القضايا التي تسعى التنمية المستدامة إلى حلها.

بالنسبة إلى موضوع النمو السكاني بات من المعروف أنَّ استمرار النمو بالمعدلات المرتفعة الحالية أمر مستحيل، فالنمو السريع يمثل ضغطاً وخطراً على الموارد الطبيعية الموجودة وعلى السياسات الحكومية وقدرتها على توفير الخدمات لهم وبجودة مناسبة، إضافة إلى قضية هجرة سكان الأرياف والاتجاه نحو المدن.

تسعى التنمية المستدامة إلى النهوض بالقرى وتنشيطها لإبطاء وإنهاء تلك الهجرة، كما تسعى إلى إعادة توجيه الموارد لضمان تأمين الحاجات الإنسانية الأساسية والسعي إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي.

مثال آخر عن المجال الاجتماعي للتنمية المستدامة قضية تمكين المرأة وجعلها قادرة على أن تكون أكثر قوة وتأثيراً في الحياة؛ إذ تسعى إلى تأمين الفرص الاقتصادية لها وتهتم بقضايا الصحة الإنجابية خاصةً وتوفير التعليم لها وكل ما من شأنه جعل المرأة قادرة على أن تحقق الاستقلالية لنفسها.

3. المجال البيئي:

يمثل حماية الموارد الطبيعية والتأكد من استدامتها الهدف الرئيس للتنمية المستدامة، ويشمل ذلك حماية الموارد المائية من خلال ترشيد استهلاكها وتقليل الهدر وتخزين المياه عبر إنشاء السدود وعم استنزاف المياه الجوفية وتحسين نوعية مياه الشرب وتحسين شبكات الصرف الصحي وغير ذلك.

من القضايا التي يهتم بها المجال البيئي حماية المناخ من الاحتباس الحراري؛ إذ يسعى إلى التقليل من الإشعاعات المختلفة والمركبات الكيميائية التي تؤثر تأثيراً سلبياً في المناخ، ومن ثمَّ في الحياة في الكرة الأرضية، وكذلك التأثير في الفرص المتاحة للأجيال القادمة.

4. المجال التكنولوجي:

تعمل التنمية المستدامة على تقليل الطاقة المستهلكة عبر استخدام التكنولوجيا النظيفة أو نظم تكنولوجية تستخدم ملوثات أقل، فالاستدامة تتطلب تغييراً تكنولوجياً مستمراً لا سيما في البلدان الصناعية؛ وذلك للحد من انبعاث الملوثات والغازات المختلفة، وكذلك فإنَّ التغيير مطلوب بقوة في البلدان النامية؛ وذلك لتفادي تكرار أخطاء التنمية وإحداث أضرار بيئية جديدة أكثر مما أحدثته البلدان الصناعية.

شاهد بالفديو: 8 حلول للحد من ظاهرة التلوث البيئي

 

كيف نصل إلى التنمية المستدامة؟

  1. الحد من الفقر.
  2. محاربة البطالة والسعي إلى تأمين فرص العمل لكل فرد يبلغ سن العمل ويحتاج إليه.
  3. القضاء على الجريمة والخوف اللذين ينشأان بسببها واللذين يؤثران في نوعية الحياة.
  4. تعزيز فرص التعليم وضرورة إلمام الجميع بالقراءة والكتابة، والتأكد من التحاق جميع الأطفال بالتعليم المدرسي.
  5. تأمين الخدمات والرعاية الصحية لكل الأفراد في المجتمع.
  6. تحقيق الأمن الغذائي وتأمين الغذاء الصحي السليم للجميع.
  7. تشجيع الزراعة ومحاولة رفع نصيب الفرد الواحد من الأراضي الزراعية التي تُعَدُّ محرك النمو الاقتصادي الأول، إضافة إلى دورها في تأمين الغذاء الصحي والتخفيف من الفقر والبطالة.
  8. زيادة مساحة الأراضي الخضراء والحد من زحف التصحر.
  9. زيادة حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي.
  10. تحسين قدرة البلد على مواجهة المنافسة من خلال تقليل الواردات وزيادة الصادرات.
  11. الانتقال إلى استخدام الوقود النظيف.
  12. العمل على تقليل الديون العامة للبلد لحماية حق الأجيال القادمة في العيش في بلد يتمتع بأمان اقتصادي.
  13. تقديم المساعدات الإنمائية للمناطق الأكثر احتياجاً إليها.
  14. العمل على إيجاد تطبيقات رقمية يمكنها إعطاء بيانات سريعة ودقيقة تحسن من المؤشرات المؤسسية، إضافة إلى ضرورة تخصيص الأموال الكافية للإنفاق على مجال البحث والتطوير العلمي.

في الختام:

التنمية المستدامة تقوم على فكرة مراعاة حق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية والثروات التي تملكها مجتمعاتهم، فهي تقوم على مبدأ (يجب ألا تأخذ من الأرض أكثر مما تعطي)، فالتنمية المستدامة تضع هدف تلبية حاجات الإنسان الأساسية من الغذاء والمسكن وحق العمل والحصول على التعليم والرعاية الصحية وكل ما يمت بصلة إلى حياة الإنسان الاجتماعية والمادية.

تتطلب التنمية المستدامة إحداث تغيير جوهري في السياسات والممارسات الحالية، وهذا لن يتم بسهولة؛ بل يحتاج إلى إدارة قوية وجهود مستمرة من قِبل حكومات الدول وبمشاركة شعبية واسعة لكي تنجح هذه العملية وتؤتي ثمارها المرجوة.

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى