السيابورغ نحو مفهوم جديد للتقنية التفاعلية للجسد يشكل تهديدا للبشرية ..!

[ad_1]

 

فما هو السايبورغ ؟

  هو شخص طبيعي؛ ولكن بعض أعضائه تعمل بالتقنية المتفاعلة مع الدماغ، حيث يشهد العالم اليوم نمواً متسارعاً في صناعة الرقائق الإلكترونية المزروعة تحت جلد الإنسان، يحدث نمواً في صناعة التحرير الجيني؛ مما سوف يجعل البشرية أمام مستقبل غامض يحكمه أناس مخلوقون طبيعياً، ولكنهم معدلون جينياً أو مزودون بتقنيات تزيد من كفاءة الحواس وأعضاء الجسد، وهذا سوف يجعل العالم أمام مهددات جديدة وخارقة للمألوف لمنظومة القيم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية؛ مما يستدعي تكثيف الدراسات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية حول هذه الظاهرة الآخذة في التصاعد.

  وتقف البشرية الآن أمام تحدٍّ وجودي وديني وأخلاقي كبير؛ مما يجعلها أمام نظرية الإنسان الذي يريد أن يكون إلهاً صانعاً؛ لينتقل العالم من مرحلة الإنسان الآلة إلى مرحلة الإنسان الإله، ولا يزال الخطاب الديني والقانوني والأخلاقي والأمني في معزل عن تلك التحولات الخطيرة، وربما أنه ينتظرها حتى يصطدم بها بعد انتشارها وهيمنتها على الحياة.

.

نحو مفهوم جديد للجسد

 تؤدي منجزات تقنية السايبورغ والتحرير الجيني إلى اغتراب الإنسان عن جسده، فقد أصبح بإمكان أي إنسان أن يجري عمليات تجميل وتغيير لجسده أو لملامح وجهه، أو بشرته خلال ساعات. وما سيفقده الإنسان بعد ذلك: صلابة العلاقات القرابية، وينتمي السايبورغ إلى الشركة التي طورت جسده أكثر من انتمائه إلى المجتمع، ولن يكون الجسد متقبلاً من صاحبه إذا كانت هناك مجالات سهلة ومنخفضة التكلفة؛ لتغييره بعمليات التجميل المستمرة.

أما تقنية السايبورغ فهي تدخل في عمل الدماغ، بشكل يفقد الإنسان الشعور بأنه إنسان كامل أو سايبورغ؛ بحيث تستجيب اليد أو الرجل الصناعية لتعليمات الدماغ، وتتصرفان بتوجيهاته تقنيةً. وفي حال اختراق الجسد، فيمكن توجيه أوامر لليد أو الرجل بالإيذاء أو القتل عن بعد خارج إرادة صاحبها. وكلما تقدم تطوير الإنسان إلى السايبورغ، زاد تآكل القيم الإنسانية فيه؛ حيث أن عمليات التجميل أو تغيير الأعضاء، أو زرع رقائق إلكترونية لتدعيم الأداء الجسدي والذهني، سوف تقلص قيمة الذكريات والحنين، لتنفصل علاقة الإنسان بصوره التذكارية؛ لأنه سيكون شخصاً آخر.

 

التحرير الجيني

 

دخلت تقنية “التحرير الجيني” Genome Editing، في إنتاج إنسان معدل جينياً؛ وهي عملية تصميم جينات الأشخاص مخبرياً؛ بالقص والإزالة لأي جين يمكن تحديده مسبقاً، وقد بدأت التلاعبات الجينية تجتاح الإنسان بعد نجاح تطبيقها على النبات والحيوان، مما بدأ معها الاقتراب أكثر من مهددات الجنس البشري. كما يمكن لتقنيات “التحرير الجيني” إنتاج نسخ كثيرة لشخص واحد متطابقة من حيث الشكل.

ويتزايد الجدل العلمي حول أخلاقيات استخدامات “التحرير الجيني”، و”تقنية كريسبر- كاس9″، بعد نجاحها على الحيوان وإمكانية تطبيقها على الإنسان مع انخفاض ثمنها وسهولة تغيير الجينات؛ إذ صار من المتوقع وجود حيوان بجينات حيوان آخر؛ بحيث تتغير طبائع الحيوان حسب أدمغة الحيوانات المزروعة فيه؛ مما يجعلنا أمام عالم هجين بين الحيوان والحيوان، وبين الإنسان والحيوان.

وتشير تقارير إلى أن تقنية التحرير الجيني “تستخدم تقنية كريسبر- كاس9 في المختبرات؛ لدمج العيوب الجينومية أو إزالتها لدى الأجنة الحيوانية”. وقد أثار التحرير الجيني جدلاً بسبب وجود تقارير غير مؤكدة تفيد استخدامه على الأجنة البشرية. كما أظهر بعض العلماء قلقاً حول إمكانية استخدام هذه التقنية قبل التأكد من السايبورغ.

 

شكل جديد لتنظيم العلاقات الاجتماعية

 

توجد شكوك كبيرة في إمكانية النمو العاطفي الطبيعي لدى السايبورغ؛ مما سيؤدي إلى تغير التفاعل الاجتماعي، وعدم الاكتراث بقضايا الهوية والتنمية والعمارة والحضارة والثقافة والأدب والفنون، ولا يعترفون بالولاءات، وسيغلب عليهم هاجس المادة والتقدم العلمي المستمر، كما أنهم بشر؛ ولكنهم لا يحملون هموم البشر

مثلنا في قضايا جودة مخرجات التعليم والتخصص، ولن يحملوا هموم الوظيفة والترقيات والصراع في العمل، ولن تعنيهم مسائل الزواج والإنجاب والطلاق والأسرة والأصدقاء والجيران والأقارب؛ وذلك لإيمانهم المطلق بالتقنية، ولانحيازهم لعمليات ترقية الجسد.

 

إن مسألة تحول التقنية من خدمة الإنسان إلى صناعة الإنسان، وظهور أناس قدموا من كوكب فضائي ليحكم الأرض، لم تعد من الخيال العلمي، بل صارت حقيقة، وبدأت تدخل مستوى التحسينات والجماليات؛ مما يعني أن البشرية ستكون أمام أزمات تتعلق بقوانين السايبورغ، وحقوقهم وواجباتهم، ثم موقفهم من الهوية والولاء والدين والقيم الاجتماعية ورؤية العالم والموت؛ وذلك لأن انتماءهم إلى الآلة والتقدم العلمي هو السمة البارزة في حياتهم حتى الآن؛ فهم -بيولوجياً- أشخاص طبيعيون ولدوا بطريقة طبيعية، ولكنهم ليسوا مثل الأشخاص العاديين بعد أن زُرعت أدمغتهم بتقنية تطوير الحواس وطاقة الجسد، وبالتالي ستكون لهم احتياجات خاصة؛ من حيث العلاج البشري وشحن البطاريات التي بداخلهم وتحديثها، كما أن أعمارهم لم تحسم، ويتوقع أن تمتد إلى مئات السنين مع تقدم التقنية.

 

كما يؤكد الخبراء أن السايبورغ لن يعيش إلا في البيئات المتطورة تقنياً، وفي بنية تحتية تقنية متكاملة، وسوف يحتاج إلى مشافٍ مجهزة بالطب البشري والطب التقني. سلامتها من قِبل أطباء الخصوبة، ويتزايد هذا القلق عند معرفتنا أن التغييرات التي تحدثها هذه التقنية متوارثة، وبالتالي ستكون مفروضة على جميع الأجيال المتعاقبة، دون موافقتها وهذا يعني بالضرورة وجود أخلاقيات وقيم جديدة، تنشأ تبعاً لمصدر تصنيعها، ولا تخضع لأخلاقيات الطب ولا لمعايير دينية واجتماعية ومنطقية

 

 مَنْ يسيطر على مَنْ؟

 

هل الشركات تتحكم في السايبورغ ومن ثَمَّ التحكم في العالم، أم أن شركات تطوير تقنية الجسد “السايبورغ” سوف تخضع لقوانين دولية تراقب نشاطها؟ فإذا كانت شركات التقنية بدأت بدايات عادية، ثم تغولت في المجتمع وفي كل شيء، وصارت لها الهيمنة على كثير من نشاط البشرية، فإنها معرضة أيضاً إلى التدهور بالأسباب التي صعدت بها نفسها؛ لتكون ضحية لبعض منتجاتها، مما يعرض السايبورغ إلى الفناء بأسباب تقنية بسيطة.

 

من أبرز المسائل الأمنية والمستقبلية التي سوف تنشأ مع انتشار السايبورغ مسائل مثل: جينات الأجيال الجديدة، وقضايا العمل، ومسائل التغير في العلاقات الاجتماعية والقرابية، وأنواع الجرائم والانحرافات المستقبلية، ونوع الأنظمة المالية والسياسية التي ستحكم سلوك الإنسان الطبيعي مع السايبورغ في الوقت نفسه.

وأبرز سمات الجرائم المستقبلية ستكون غامضة، وقد تنتهي جرائم تقليدية وتبرز غيرها؛ حيث إنه من المتوقع أن تنتهي جرائم: الاتجار بالبشر والتجارة بالأعضاء والدعارة والمخدرات والهجرات غير الشرعية، ومن ثَمَّ سوف يضعف دور بصمات الإصبع والعين والوجه بوصفها دليلاً للتعرف على الشخص.

 

التنظيم الدولي لتقنية الجسد

 

أثار ملف تقنية الجسد والجينوم العديد من القضايا الأخلاقية والاجتماعية والقانونية، وما يمكن أن ينتج عن اختراق الخصوصية الجينية للأشخاص، واحتمال إساءة استخدام البيانات من قِبل شركات التأمين، أو اشتراطات فحص جيني محدد من قِبل بنوك وشركات الإقراض والتوظيف، وبدأت بعض الدول -مثل ألمانيا- في إصدار قوانين تنظم العمليات العلاجية وتمنع العمليات السايبورغ لأغراض تجميلية.

وبدأ التفاعل الدولي مع جهود مجلس الأبحاث القومي الأمريكي عدداً من هذه التحديات منذ عام 1988، قبل إطلاق مشروع الجينوم البشري عام 1990 (برنامج البحث الدولي التعاوني لرسم خريطة الجينوم البشري بأكمله، والذي تم الانتهاء منه في عام 2003). تأسس برنامج الآثار الأخلاقية والقانونية والاجتماعية (ELSI) أيضاً في عام 1990 كجزء لا يتجزأ من مشروع الجينوم البشري. كانت مهمة برنامج ELSI هي تحديد ومعالجة القضايا التي تثيرها البحوث الجينومية التي قد تؤثر على الأفراد والأُسر والمجتمع.

 

واعتمدت اليونسكو الإعلان العالمي بشأن الجينوم البشري وحقوق الإنسان 1997؛ والإعلان الدولي بشأن البيانات الجينية البشرية 2003؛ والإعلان الدولي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان 2005؛ وتبنى مجلس الاتحاد الأوروبي التوصيات، وأنشأ البروتوكولات الإضافية؛ مثل اتفاقية حماية الإنسان والحقوق والكرامة الإنسانية في مجال علم الأحياء والطب في البحوث الطبية الحيوية المعتمد في 2005، وفُعِّل في 2007، وتم فرض اللائحة العامة لحماية البيانات  (GDPR)بقرار 2016/679 للبرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي في 6 أبريل 2016.

 

 

 

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى