تعلُّم وتعليم التعميم والاكتشاف والتفكير الترابطي

[ad_1]

الاكتشاف هو القدرة على البحث والتجربة والعمل على كشف خفايا وميزات وأشياء لم تكُن ظاهرة من قبل؛ إذ بدأ البشر اكتشاف العديد من الأشياء على مدى الحقب الزمنية السابقة؛ إذ اكتشفوا النار والكهرباء والموجات الراديوية والنفط وغيرها الكثير من الاكتشافات التي جعلتنا نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من تقدُّم وتطوُّر.

أما التفكير الترابطي، فهو شكل من أشكال التفكير تسير به المعلومات والبيانات الفكرية دون قيود وتوجيه؛ إذ يدع الفرد دماغه يربط الأفكار والمعلومات بأساليب مختلفة ويسمح له بإعطائه احتمالات جديدة ومتنوعة؛ إذ يُدعى أيضاً هذا النوع من التفكير بالتفكير غير الموجَّه؛ فلا يوجه الشخص أفكاره ويربطها؛ وإنَّما يدع العنان لعقله في الربط والتحليل، وفي مقالنا هذا سنتعرَّف إلى كيفية تعلُّم التعميم والاكتشاف والتفكير الترابطي؛ لذا تابعوا معنا.

تعلُّم وتعليم التعميم:

يوضع التعميم عادة ليطبَّق على أكثر من حادث واحد، والمفاهيم التي يضمها التعميم تشير إلى مقولات أو أصناف، وتقرير العلاقة بين هذه الأصناف يُقصد به أن يكوِّن علاقة تنطبق على جميع حالات المفاهيم الخاصة، مثال عن ذلك التعميم القائل: “إنَّ حجم الغاز يتناسب طرداً مع درجة الحرارة؛ إذ حين تنخفض الحرارة يقل حجم الغاز وبالعكس”، وينطبق على جميع الحالات الخاصة عن تغييرات الحجم والحرارة وعلى جميع المواد الغازية الموجودة في الطبيعة.

مستويات فهم التعميمات:

يمكن تعلُّم التعميم عن طريق حفظه؛ فمثلاً الفرد يحفظ أنَّ الديمقراطية تزدهر عندما يحافظ على حرية التعبير، والكثير من التعميمات تُكتَسب على هذا النحو، والعملية السيكولوجية في اكتساب التعميمات على ذلك المستوى هي في الأساس عملية حفظ، ولا تتضمن دوماً الفهم.

أن يفهم المرءُ تعميماً ما يستطيع تطبيقه في حالات كثيرة، فمثلاً أن يفهم الفرد التعميم القائل: “تتناسب درجة حرارة الغاز وحجمه تناسباً طردياً”، ويجعله قادراً على تعليل زيادة ضغط الغاز في دولاب سيارة سارت عدة ساعات، وبالمثل يفهم الفرد التعميمات المتعلِّقة بالعلاقة بين الأجور والأسعار عندما يستطيع تفسير ظاهرة التضخم النقدي مستعيناً بهذه التعميمات.

شاهد بالفيديو: 10 عادات مميّزة يتبعها الأشخاص الناجحون في التفكير

 

تعليم الاكتشاف وتعلُّمه:

طغت سلاسل من مناهج الاكتشاف المثيرة على مدارس العديد من البلدان المتقدِّمة تربوياً في السنوات الأخيرة، وأَدخل كل من هذه البرامج محتوى جديداً في المنهج وأعاد تجديد وتنظيم كل مادة لتُعرَض على طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية بتنظيم جديد وطريقة أخرى.

لقد صاحب نمو المناهج الجديدة ظهور اهتمام بالعمليات التي تُكتَسب عن طريقها ضروب السلوك المعرفي، والعمليات المعرفية ذات الأهمية الرئيسة هي تلك التي تتطلب متعلماً يبتكر أفكاراً، ويميز مثيرات معقدة، ويضع تخمينات، ويتخيل فرضيات، ويطرح أسئلة، ويتبع ذلك بناء أساليب إثارة هذه العمليات في الصف.

إنَّ الدراسة التقنية والتفكير الحدسي والتدريب على البحث وتعلُّم الاكتشاف، هي طرائق ضرورية يُوصى باتِّباعها لبلوغ أهداف هذا التجديد.

يصف برونر هذه الأهداف بقوله: “لا ينطوي إتقان أفكار أساسية في ميدان ما على فهم المبادئ العامة فقط؛ بل على تنمية موقف تجاه التعلُّم والبحث، وتجاه التخمين والافتراض، وإمكان حل مشكلات المرء الخاصة، ويتطلَّب مثل هذه المواقف شيئاً أكثر من مجرد عرض الأفكار الأساسية، ويبدو أنَّ أحد العناصر العامة في هذا هو الإحساس تجاه الاكتشاف؛ أي اكتشاف اطِّراد علاقات وتشابهات بين الأفكار يؤدي إلى زيادة الثقة بالنفس وبقدرات المرء الخاصة”.

لتحقيق هذه الأهداف يجب بناء خبرة التعلُّم؛ إذ تثير الكشف والبحث والابتكار، وتُحدِث ضروب سلوك التعميم والتنظيم، ويُطلَق اسم تعلُّم الكشف على مجموعة الطرائق التي أُعدَّت لإحداث ضروب السلوك المعرفي هذه، وهذه العمليات التي ينطوي عليها تعلُّم الكشف هي أشكال معدَّلة من التعلُّم الاستقرائي؛ إذ يُعطى الطالب في العملية الاستنتاجية القاعدة أو التعميم، وعليه أن يكتشف بنفسه الأمثلة التي تنطبق عليها القاعدة أو التعميم.

نتائج التجارب في تعلُّم الاكتشاف:

أُجريَت عدة تجارب عن تعلُّم الاكتشاف وكان أبرز نتائجها ما يأتي:

إنَّ الزمرة التي تتلقَّى بعض التوجيه في الكشف، تفهم العلاقات المتضمنة فهماً أفضل من الزمر الأخرى التي لم تتلقَ أيَّة توجيهات، وإنَّ الزمرة التي لم تُقدَّم لها أيَّة مساعدة، أفضل من الزمرة التي أُعطيَت القاعدة، وتؤكِّد التجربة أيضاً أنَّ الطريقة التي تسهِّل التعلُّم ذا الدلالة، أفضل من طرائق التعلُّم الصم، وتوحي النتائج أيضاً أنَّ انتقال التدريب إلى الوضعيات الجديدة قد تيسَّر عن طريق اكتشاف المستقبل.

لقد وُجِدَ أنَّ الأفراد في الزمرة التي لم تُقدَّم لها أيَّة مساعدة قد اندفعت إلى الاستمرار في حل المسائل أكثر من أفراد الزمرة الأخرى، وحتى حين كان جميع الأفراد قد حُفِّزوا بمكافآت خارجية، فإنَّ الفرد في الزمرة التي لم تُقدَّم له المساعدة قد نمَّى اهتماماً بالمسائل بحد ذاتها.

كان أفراد زمرة التعلُّم الصم أفضل من الزمر الأخرى في تطبيق التعميمات وتذكُّرها، وكانت زمرة الاكتشاف الموجَّه أفضل في نتائجها من زمرة التعلُّم الموجَّه.

استناداً إلى ذلك يمكن افتراض أنَّ التعلُّم عن طريق الاكتشاف المستقل يُيسِّر حدوث فهم شامل أكبر، ومع ذلك لم يكُن جميع الأفراد في الزمرة التي لم تُقدَّم لها أيَّة مساعدة قادرين على اكتشاف التعميم دون مساعدة ضمن المدة المحددة، وقد تبين أنَّ مستوى المُتعلِّم والمدة المُحدَّدة للاكتشاف ذات تأثير في ذلك أيضاً.

التفكير الترابطي:

إذا سُئِلت ما اسم الشارع الذي تسكن فيه، لأجبت على الفور إجابة صحيحة، وربما تعلَّمت هذه الإجابة في الأصل عن طريق ربط اسم الشارع بإشارات موجهة بسيطة، وكانت إحدى هذه الإشارات السؤال الآتي: في أي شارع تقطن؟

نحن نعلِّم الأطفال أسماءهم وأرقام منازلهم وأسماء الشوارع التي توجد فيها منازلهم والعديد من الأشياء العامة من خلال ربط هذه الأسماء والأرقام بمثيرات مناسبة، وتنمية ترابطات تربط الاستجابات بمثيرات نسميها إرشادات موجهة؛ إذ تصدر الاستجابة الملائمة بسهولة وسرعة عندما تحدث الإشارات أو المثيرات، وهذه العملية المعرفيَّة أبسط من التفكير الاستقرائي والاستنتاجي، أو من اكتساب المفاهيم والتعميمات، وأكثر استخداماً في الحياة، فمعظم التفكير هو من النوع الترابطي، فهو يمكِّن المرء من تأويل محيطه؛ تصوَّر الصعوبات التي يمكن أن تنطوي عليها الحياة لو أنَّنا مضطرون إلى التفكير لمعرفة اسم كل شخص نصادفه أو اسم كل شيء عام.

المعنى التربوي للتفكير الترابطي:

المعنى التربوي للتفكير الترابطي هو أنَّ التغيرات المرغوبة في السلوك تتطلَّب تعلُّم الترابطات، وفي حين أنَّنا نرغب في أن يفهم الأطفال عملية الضرب مثلاً، فنحن نودُّ أيضاً أن يتعلَّموا الترابطات اللازمة في جدول الضرب.

أي عندما يُعطى الطفل المثير التالي 2×2=؟ نريد منه أن يتمكَّن من الإجابة بـ 4 بسهولة وسرعة، والأمثلة عديدة عن تشجيع الطلاب على التفكير الترابطي عندما نطلُب منهم تعلُّم صيغ من أنواع مختلفة ومفردات اللغات الأجنبية، وتواريخ الأحداث التاريخية.

يمكن لبعض الترابطات التي تشجِّع التلاميذ على تعلُّمها أن تعطي معنى عندما يُوضَّح المبدأ الذي يكمن وراء الترابط أو يُكتَشف، فيمكن للتلميذ أن يفهم لماذا 2×2=4 عندما يفهم مبادئ التركيب بالضرب، وفي هذا السبيل فإنَّنا نشجِّع التلميذ على تذكُّر الترابطات في جدول الضرب؛ وذلك لأنَّ العلاقة بين الفهم والحفظ والتذكر وثيقة.

الترابطات معدومة المعنى:

كثير من الترابطات التي تُعلَّم في المدارس معدومة المعنى، فالقول إنَّ عمان عاصمة الأردن يجب تعلمه دون أن نستطيع إعطاء معنى معقول لمكان عاصمة الأردن، غير أنَّنا نستطيع إعطاء معنى لـ 2×2=4، ولو حاولنا قد نتمكن من إيضاح تاريخ تسمية عمان عاصمة للأردن ولكنَّ هذا الإيضاح لا يكسب الارتباط معنى.

مثال آخر عن الترابطات معدومة المعنى الترابطي بين الضوء الأحمر والتوقُّف في إشارات المرور الضوئية، فالاتفاق الذي يحكم إشارات المرور اتفاق اعتباطي، لكن قبل أن يستطيع المرء تطبيق قواعد السير عليه يجب أن يتعلم هذا الترابط، وقد يستحيل إيضاح أنَّ اللون الأحمر يدل على التوقُّف، فما هو إلَّا مجرد اتفاق بين الناس.

تلحُّ التربية الحديثة إلحاحاً كبيراً على جعل التعلُّم ذي دلالة، وهنا ينبغي التمييز بين إعطاء معنى لتعلُّم مهمة ما وبين المعنى الملازم لطبيعة المهمة، وقد تجعل مهمة تعلُّم أنَّ عمان عاصمة الأردن مهمة ذات دلالة عن طريق ربط المهمة بمفاهيم هامة أو تعميمات على الطالب تعلُّمها لتلبية حاجاته.

تعتمد الترابطات سواء كان بها معنى أم لا على الذاكرة، فعلى الفرد أن يحفظ ترابطاً إذا استخدمه، والتلميذ الذي يعجز عن تذكُّر جداول الضرب بطيء في إنجاز المهمة الحسابية؛ ولهذا لا بدَّ من مناقشة التفكير الترابطي لفهم العوامل التي تؤثر في التذكُّر والنسيان حتى تنظم خبرات التعلُّم لتسهِّل اكتساب هذه الترابطات.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي

 

 

في الختام:

لقد تعرَّفنا في هذا المقال إلى تعلُّم وتعليم التعميم والاكتشاف والتفكير الترابطي ونتائج التجارب في تعلُّم الاكتشاف ومستويات فهم التعميم، بالإضافة إلى المعنى التربوي للتفكير الترابطي والترابطات معدومة المعنى، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.

المصادر:

  • كتاب التربية العامة للدكتور أنطون حبيب رحمة 1982.

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى