تغييرات بسيطة تسهِّل حياتك المُرهِقة بمُعدَّل خمسة أضعاف

[ad_1]

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب “مارك كرنوف” (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن أهم خمس استراتيجيات يمكن اتباعها لتغيير حياتنا نحو الأفضل.

الطريقة ذاتُها نحو الوقوع في الفشل؛ إذ تتَّحد جميعُ محاولاتك البسيطة الفاشلة التي تتعرض لها يومياً دون أن تتعلم منها أو تستثمرَها في تطوُّرك وتقدُّمك وتقودك نحو طريق الفشل؛ فإن كنتَ تستمرُّ في الإخفاق في التحقُّق من السجلات، أو إجراء المكالمات الهاتفية الضرورية، أو الإصغاء لمُلاحظات زبائنك، أو تحقيق التغييرات اللازمة في حياتك، أو تفشل دائماً في الابتكار، فإنَّك ستستيقظ يوماً ما لتجدَ أنَّ عملك التجاري أو شركتك قد أخفقَت، بينما أنتَ مُرهَق ومتوتر بصورة لا يتقبلها العقل، وقد كان السبب في ذلك عاداتك أو جميعُ الأمور البسيطة التي فعلتَها أو لم تفعلْها طوال رحلتك في هذه الحياة، وليس مُجرَّد حدثٍ كارثي واحد لا يمكن تعليلُه، وسأذكرك هنا مرة أخرى بالتفكير بكيفية ارتباط ما سبق بحياتك الخاصة.

فحياتُك أمرٌ يخصُّك ويعنيك وحدَك فقط، كما ستتحول كل الأمور البسيطة والصغيرة إلى عوائق ضخمة على مرِّ الوقت إن لم تصححها بالطريقة الملائمة، ويمكن حتَّى لأجزاء حياتك التي تبدو تافهةً وغير هامة أن تؤدي إلى مُختلَف أنواع النتائج والعواقب الإيجابية أو السلبية مهما كانت الظروف.

إن كنتَ تظنُّ أنَّ الأمور البسيطة التي تفعلُها يومياً تؤثِّر سلباً في حياتك وتمنعك من التقدُّم فيها، فإنَّك ستجدُ الاستراتيجيات أو الخطط الخمس المذكورة أدناه قيِّمةً للغاية بصورة لا تُصدَّق؛ فمن شأنها أن تقوي تدريجياً نقاط الضعف المُشترَكة التي وجدْنا أنَّها تزعج الآلاف من متلقي الكوتشينغ الذي نقدمه والمتدربين وجمهور مؤتمراتنا خلال العقد الماضي؛ إذ تتمثل نقاطُ الضعف تلك بالأمور الصغيرة التي يفعلُها الناس بصورة يومية، والتي تُجهِدهم وتدفعهم إلى التوتر وتمنعهم من التقدم إلى الأمام والتطور في حياتهم.

أريد أن أذكرك بأنَّ هذا المقال يتمحور حول إحداث تغييرات صغيرة ومستمرة لوقت طويل في سلوكاتك وتصرُّفاتك، وهذا يعني ممارسة كلٍّ من هذه الاستراتيجيات والتدرُّب عليها تدريجياً واحدةً تلو الأخرى، كلَّ يوم، ومن ثمَّ السماح لتأثيراتها في التراكم، ابدأ بممارسة تلك الاستراتيجيات من الصفر نحو الاستراتيجية الخامسة تدريجياً شيئاً فشيئاً، ولا تحاوِلْ اتباعها جميعاً دفعةً واحدة، وتتمثل تلك الاستراتيجيات بما يأتي:

1. التركيزُ على نفسك لبضعِ دقائق يومياً في سبيل إيجاد الوضوح والنقاء:

إنَّ أفضل وقتٍ للتمهُّل وأخذ نفسٍ عميق للتركيز هو حين لا نملك وقتاً لذلك على الإطلاق، إلَّا أنَّه غالباً ما قيل لنا العكسُ تماماً؛ فالعجلة والتسرع حالةٌ تَلقى تقديراً كبيراً في حضارتنا أو ثقافتنا المعاصرة؛ إذ يجب علينا التحلي بقدرٍ كبيرٍ من النشاط والحيوية والإسراع في إنجاز واجباتنا وتحقيق أهدافنا والوصول إلى قمة أحلامنا ونجاحنا في أسرع وقت ممكن.

يمكن للعجلة أن تساعد على الاستفادة من الأخطاء والمحاولات الفاشلة بوتيرة أسرع للتقدم في حياتنا نحو الأمام، لكنَّ معظمنا يُمضون الغالبية العُظمى من حياتهم في تحقيق الإنجازات الناجحة واحدةً تلو الأخرى، وينتهي بهم الأمر بالوصول إلى قمة نجاحهم ليكتشفوا فيما بعد أنَّ منظورهم للأمور كان خاطئاً للغاية، وأنَّ أحلامَهم ورغباتهم في الحقيقة مختلفة تماماً عمَّا وصلوا إليه، وهو ما يحدث بصورة رئيسة بسبب عجلتنا وتزاحم أعمالنا الدائمة واندفاعنا إلى إنجازها بأقصى سرعة ممكنة، لدرجة أنَّنا نكون مُرهَقين ومُتعَبين بالكامل حين يحين الوقتُ لاتخاذ بعضٍ من القرارات الأكثر أهمية في حياتنا؛ لذا ينتهي بنا الأمرُ بسلوك طريق النجاح الأقرب والأسهل من وجهة نظرنا، والذي يُصادف أيضاً أن يكون الطريق الذي لا نحتاج إليه في حياتنا ولا نرغب في اتباعه في الواقع.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتدريب عقلك على تحسين التركيز

 

يُدرك معظمنا في النهاية أنَّه من الأفضل التجربة والفشل في طريق النجاح الذي نرغب في تحقيقه فعلاً مهما بلغ عددُ مرات المحاولة، بدلاً من الوصول إلى قمة النجاح والإنجازات في مجالات لا نحبُّها؛ لذا عليك بذلُ قُصارى جهدك لأخذ هذا الكلام على محمل الجد والبدء بتطبيقه على نفسك حالاً، فلا يوجد سبب على الإطلاق يدفعُك إلى الاندفاع أو الاستعجال بتلك الطريقة المجنونة والحمقاء، لدرجة أن ينتهيَ بك الأمرُ ناجحاً في مكان أو مجال لا تحبُّه أو ترغب فيه على الإطلاق بسبب سعيك العاجل إلى تحقيق مُخطَّطات الآخرين وطموحاتهم، بدلاً من اكتشاف ما تحبُّه والسعي إلى إنجازه.

لذا عليك تخصيصُ بعض الوقت يومياً للتركيز على نفسك ورغباتك الداخلية من خلال ممارسة طقوس اليقظة الكاملة أو ترديد عبارات التحفيز والابتهالات أو كتابة اليوميات أو الدعاء والصلاة أو التفكُّر والتأمُّل بمشاعر الامتنان والشكر في داخلك، وعليك كذلك إضفاء الوضوح لظروفك وأحوالك وقراراتك اليومية، ومن خلال فعل ذلك ستتمكن دون شكٍّ من فتح ذهنك والانتباه لِلأفكار الهامة والفرص الثمينة التي لا يمكنك بكل بساطةٍ أن تفهمَها وتلاحظَها بعقلية العجلة الحمقاء والاندفاع الطائش.

على سبيل المثال، أخذتُ هذا الصباحَ استراحةً من حياة العجلة والاندفاع التي أعيشُها وأمضيتُ 30 دقيقة في كتابة مذكراتي عن الأحداث التي حصلَت مؤخَّراً في حياتي، والتي أشعر بالامتنان والشكر لحصولها، وعن بعض الأمور الحديثة التي ما زالت تزعجني وتُقلقُني؛ وبينما كنتُ أنتهي من ذلك، خطرَت لي فكرةُ كتابة مقالي هذا في مدوَّنتي، والتي كانت مفاجأةً سارة وجميلة؛ لأنَّني لم أكُن قد قررتُ بعد ما سأكتبُ عنه وأشارككم إيَّاه اليوم.

كما اكتشفتُ أيضاً بعض الأفكار الصحية المذهلة بخصوص علاقة هامة كنتُ أهملها، ولا أهتم بها، مما حثَّني وأعطاني حافزاً لإرسال رسالة نصية على الفور؛ لذلك الشخص الذي أهتم لأمره، والذي كنتُ أنوي إعادة التواصل معه منذ ما يقرُب من ستة أشهر، وقد حدَّدنا الآن موعداً لتناول الفطور يومَ الأحد القادم.

إذاً – كما رأيتَ – فإنَّ الوقت الذي تقضيه في التركيز على نفسك لإيجاد الوضوح والنقاء لا يساعدك وحدَك فحسب؛ بل إنَّ عقلك يصبح أقوى، كما أنَّ أفكارك تُحدِث تأثيراتٍ وتغييرات في العالم المُحيط بك؛ وحين تُضفي مزيداً من الوضوح والنقاء على حياتك التي تعيشُها، فإنَّك تقدِّم أفضل ما لديك من مهارات في كل أمرٍ تفعله في حياتك، وتميل لمعاملة نفسك ومعاملة الآخرين بصورة أفضل والتواصل معهم بطريقة بنَّاءة ومفيدة، وتمتلك أسباباً صحيحة ومحقَّة لكلِّ ما تفعلُه في الحياة؛ ومن ثَمَّ فإنَّك تحسِّن في النهاية من عالمك الذي تعيش فيه، ولهذا يمكن للصلاة والدعاء أو لمُجرَّد التأمل في بعض العبارات الإيجابية بصورة يومية أن يُحدِثَ فرقاً حقيقياً وفعلياً في حياتك.

خلاصة القول: إنَّ تقليل سرعة خطواتك وتقدُّمك في الحياة مع زيادة مستوى إدراكك الواعي أو صفائك الذهني ترفع من شأنك على الفور بطرائق لا حصر لها؛ ومن ثَمَّ تبدأ الأمور الممتعة والمُثيرة للاهتمام بالحصول في حياتك، مثل أمورٍ جيدة خارج نطاقِ إرادتك واهتمامك المُباشَر والتي لا يمكنك توقُّعُها، أو أشياءَ جيدة لم تخطرْ على بالك بعد.

2. التخلُّص التدريجي من الأمور الفائضة:

إنَّ مقولة: “لا يمكن لأحدٍ العودةُ والبدءُ بانطلاقة جديدة، لكن يمكن لأيِّ شخصٍ أن يبدأ اليومَ من جديد ويرسم نهايةً جديدة لنفسه” صحيحةٌ للغاية، وتُعَدُّ الأقرب للحقيقة، لكن قبل أن تتمكن من بدء عملية التغيير الجذري تلك، عليك أن تتوقف عن فعل الأشياء التي كانت تعوقك وتمنعك من التقدُّم.

حين تتوقف عن السعي خلف الأهداف الخاطئة، ستمنح الأهداف والأمور الصحيحة فرصةً لإيجادك والظهور في حياتك؛ إذ يتعلق الأمر بمُجمَله بأن تصبح شخصاً مُنظَّماً وواعياً ومُدرِكاً لكيفية توزيع وقتك المحدود وطاقتك على مهامك وواجباتك المختلفة، كي تصبح في النهاية في وضعٍ يسمح لك ببناء المستقبل الذي تريده لنفسك.

أريدك أن تفكر بحياتك الخاصة وحياة الأشخاص المُقرَّبين منك، وستجدُ عندَها أنَّ مُعظَمنا اعتاد على فعل كلِّ ما بوسعنا من خلال ملْء كلِّ دقيقةٍ من وقت استيقاظنا بالفعاليات والنشاطات الزائدة عن الحدِّ والمهام والالتزامات، بينما نراوح أماكننا دون أي تقدُّم ملحوظ، ظنَّاً منَّا بأنَّ تحقيق مزيد من الإنجازات وتنفيذ مهام أكثر سيمنحُنا مزيداً من الرضى ويجعلنا أكثر نجاحاً، في حين أنَّ العكس تماماً هو الصحيح في كثيرٍ من الأحيان.

يبين “ستيفن كوفي” (Stephen Covey) في كتابه المُسمَّى “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية” (The 7 Habits of Highly Effective People) أنَّ بعض الأشياء في الحياة هامةٌ حقاً، بينما تكون بعض الأشياء الأخرى مُجرَّد أمورٍ عاجلة أو طارئة؛ إذ يمضي مُعظَم الناس الغالبية العظمى من حياتهم بالعمل على مهام ونشاطاتٍ عاجلةٍ؛ لكنَّها لا تملك أيَّ أهمية على الإطلاق؛ بينما قد نظَّم القليلُ جداً من الأشخاص وقتَهم وطاقتَهم، وركَّزوها بطريقة تمنح الأولوية حصراً للأهداف والغايات ذات الأهمية والمغزى الحقيقيَّين، وفضلوها على أي شيء آخر قد يظهر فجأة في حياتهم.

نحن نحتاجُ إلى فعلٍ أكثر وتحقيق مهام أقل في حياتنا؛ وهكذا، فإنَّ الطريقة الأذكى والأكثر فاعلية للتطور والتقدم في الحياة لا تتمثل بتحقيق المزيد من الإنجازات؛ إنَّما بتحقيق عددٍ أقل من الإنجازات والنجاحات الأكثر أهمية من خلال التوقُّف عن التصرفات والسلوكات التي تمنعُنا من التقدم في حياتنا، وسأورد بضعة أمثلةٍ عن ذلك:

  • إن أردتَ الحصول على قوام جميل وزيادة لياقتك البدنية، فإنَّك لن تُحرزَ تقدُّماً مستمراً، إلَّا من خلال التقليل من السلوكات غير الصحية في حياتك أولاً قبل أن تهرع للبدء بمجموعة من العادات الصحية الجديدة؛ لذا قبل أن تبدأ بإجبار نفسك على الذهاب إلى النادي الرياضي كلَّ يومٍ في الساعة 05:00 صباحاً مثلاً، استبعِدْ أولاً الكميات الفائضة من السكر والأطعمة غير الصحية من نظامك الغذائي، وامتنِعْ عن تناولها تماماً.

إنَّ إضافة التمرينات الرياضية الصحية بصورة عشوائية إلى حياتك مع اتباع حمية غذائية غير صحية أشبهُ ببناء منزل فوق الرمال المتحركة، فلن ينجح الأمر على الأمد الطويل إذ سيُهدَم ذلك المنزل عاجلاً أو آجلاً؛ إذاً، ستظلُّ عالقاً دائماً في دورة مُكرَّرة دون تحقيق أيِّ نجاحٍ يُذكَر؛ لأنَّك سترجع خطوةً إلى الوراء دائماً بعد أن تتقدم خطوةً واحدة نحو النجاح في كل مرة ما لم تعمل على إيقاف الضرر الدائم والمستمر في حياتك.

  • إن أردت أن تصبح أكثر استقراراً من الناحية المالية، فلا تركزْ على كسب مزيد من المال حتى تقلل من إنفاقك الزائد؛ لذا حاولْ أن تعيش حياةً مريحة بعيداً عن الإسراف والتبذير، ولا تنفِقْ أموالك من أجل إثارة إعجاب الآخرين، ولا تعِشْ حياتك محاولاً خداع نفسك بالظن بأنَّ الثروة تُقاس بالأشياء المادية، وحاولْ إدارة أموالك وضبط إنفاقك بحكمة كي لا ينتهي بك الأمر بأن تصبح إنساناً يتحكم المالُ به، ويعيش تحت رحمته.

حرِّرْ نفسَك من دورة الاحتياج الدائم إلى مزيد من الأموال، وكُنْ سعيداً وراضياً بما تملكه منها فقط؛ وليس من الهام فعلاً كمية المال الإضافية التي ستكسبُها إن لم تتبع النصائح السابقة؛ لأنَّك ستُقدِم دائماً على إنفاق كلِّ دولارٍ تملكه لشراء أشياء لا تحتاجُ إليها فعلاً.

من الواضح أنَّك تستطيع تطبيق هذا المبدأ على جميع جوانب حياتك بلا استثناء؛ إذ يتعلق الأمرُ برمَّته بأن تكون شديد الوضوح فيما يخصُّ الأمور الهامة في حياتك، وكذلك الأمور التي ما هي إلَّا مُجرَّد عائقٍ في طريق تقدُّمك؛ لذا عليك أن تتعالى عن الإسراف غير الضروري الذي سيؤدي إلى التراجع ومنعك من التطور، وتذكَّرْ دائماً أنَّ طاقتك ستتدفق وتكبُر في المكان الذي ينصبُّ فيه تركيزك وانتباهك كاملاً، ممَّا سيؤدي إلى تقدُّمك وتطورك.

إذاً، نظِّمْ نفسَك ورتِّبْ أولوياتك، وركِّزْ على الأمور الأكثر أهمية في حياتك، وتخلَّصْ من جميع الأمور الأخرى سواها، وأنجِزْ مهاماً قليلة مع الحرص على إضفاءِ أهمية بالغة على ما تحققه، وجعلِ إنجازاتك انتصاراتٍ تفتخر بها مهما بلغَت بساطتها.

3. السماح لمُعظَم الأشياء أن تكون ببساطة على طبيعتها:

بعضُ الأشياء تستحقُّ التغيير؛ لكنَّ مُعظَم الأمور التي تجري في حياتنا لا تستحق عناء المحاولة حتَّى، وهو ما عليك عدَّه نداء تحذير لك؛ إليك اقتباسٌ سمعتُه في أحد مُعتكَفات أو خلوات التأمل منذ سنواتٍ عدة في أثناء مُناقَشة جماعية ركَّزَت على قوة تغيير السلوك أو التصرُّفات حين يتعلق الأمر بالأشياء التي لا يمكن تغييرُها أو التي لا يجب علينا تغييرُها، ومَفادُه: “إن أردتَ التحكُّم بحيواناتك، امنحْهم مرعى أكبر”.

انظر إلى الحيوانات والمرعى الأكبر في هذا الاقتباس بوصفها شكلاً من أشكال الاستغناء والتخلي والسماح للأمور بأن تجري على طبيعتها؛ لأنَّك بهذه الطريقة تُرخي قبضتك عليها، بدلاً من محاولة التحكم بها بشدة وفرض السيطرة عليها، وتمنحها كذلك مساحةً أكبر لتكون على سجيَّتها؛ إذ تتمثل تلك المساحة بالمرعى الأكبر في الاقتباس السابق؛ إذ ستصبح الحيوانات أكثر سعادةً، وهي تطوف في الأرجاء وتمارس أفعالها ونشاطاتها الطبيعية؛ وعلى الرَّغم من ذلك، ستُلبَّى احتياجاتُك أيضاً في الوقت ذاته؛ إذ ستُتاح لك فرصةٌ أكبر لتنعمَ بالسلام متقبِّلاً جميع مُجرَيات حياتك التي تسير على طبيعتها.

تصحُّ الفلسفةُ السابقة في معظم جوانب الحياة؛ إذ يعني التراجعُ خطوةً إلى الوراء والسماح لأشياء مُعيَّنة بأن تحدث على طبيعتها، أنَّ تلك الأشياء ستحدُث دون أي جهدٍ منك أو عناء، كما أنَّ حاجاتك ستُلبَّى أيضاً؛ وفي الوقت ذاته، سيقلُّ حجمُ الأعمال والواجبات التي ينبغي لك تنفيذها وسينخفض مستوى الضغط النفسي والتوتر في حياتك، وسيُصبح لديك مزيدٌ من الوقت والطاقة للعمل على الأهداف الهامة حقاً في حياتك والأمور التي يمكنك التحكُّم بها في الواقع، مثل تصرُّفاتك وسلوكاتك في جميع المواقف التي تتعرض لها.

لا يُعَدُّ هذا الشكل من التخلي أو الاستغناء استسلاماً على الإطلاق؛ بل يتمحور حول ترك أي تعلُّق أو ارتباط هوسيٍّ تعانيه تجاه أشخاص أو نتائج أو حالات مُحدَّدة، ويعني أن تعيشَ كلَّ يومٍ من حياتك بنيَّة أن تصبح أفضل نسخةٍ من نفسك، وأن تبذل قُصارى جهدك دون امتلاك أي توقُّعات مُسبَقة عن الطريقة التي ينبغي أن تسير حياتك بها.

يمكنك أن تمتلك أهدافاً وأحلاماً، أو تطمحَ لتحقيق رغباتك من خلال اتخاذ الإجراءات الهادفة، أو تبنيَ علاقاتٍ جيدة للغاية مع الآخرين حولك، لكنْ عليك أن تبتعد عن الافتراضات المُسبَقة، وتتخلى عن شروطك المُستحيلة المتعلقة بما يجبُ أن يكون عليه كلُّ جانب من جوانب حياتك كي يُصبح جيداً بما يكفي بالنسبة إليك بكلُّ تأكيد.

طاقةُ الإنسان الذي يطمح لابتكار أشياء رائعة مع تمتُّعه بالنوع السابق من التنازل والاستغناء أقوى وأكثر إرضاءً للغاية مُقارنةً بشخصٍ مصمم على تحقيق نتائج مُعيَّنة، ويملك عقليَّةً مستميتةً لإنجاز أهدافه بطريقة الحتمية والضرورة؛ فالاستغناء بصورته هذه يمنحك الفرحَ والسلام الداخلي؛ وكي لا ننسى، فإنَّ حياتنا التي نعيشُها ما هي إلَّا انعكاسٌ لحالة وجودنا ومشاعرنا الداخلية.

شاهد بالفيديو: 7 طرق سحريّة لتبسيط الحياة

 

4. تجاهُل أهداف الحياة الكبيرة لبعض الوقت والتركيز فقط على الطقوس أو الروتينات اليومية البسيطة التي تدعم تلك الأهداف وتساعد على تحقيقها:

لا شكَّ بأنَّ أهداف حياتنا الكُبرى بالغةُ الأهمية بالنسبة إلينا؛ لكنَّنا غالباً ما نستهلك معظم وقتنا وطاقتنا في التفكير بالنتائج النهائية التي نرغبُ فيها لأهدافنا الكبيرة، بدلاً من استثمار ذلك الوقت والمجهود والطاقة في فعل الأشياء والواجبات البسيطة التي يتحتم علينا فعلُها بصورة يومية في الواقع؛ فعلى الأرجح، تمرُّ بك معظم الأيام وأنتَ لا تملك أيَّ إنجازٍ يدعو إلى الفخر بسبب عدم إحرازك لأدنى قدرٍ من التقدُّم في سبيل تحقيق أيٍّ من أهدافك؛ إذ يجب عليك عدُّ هذا نداء تحذير آخر لك؛ فإن لم تعمَدْ إلى تخصيص بعض الوقت كل يوم لإحراز التقدم والعمل على تحقيق أهدافك، سيضيعُ وقتُك دون شكٍّ في فراغ التفكير المُفرِط والإلهاءات الكثيرة؛ وقبل أن تدرك ذلك، ستجدُ نفسَك تعباً ومُرهَقاً وتتساءل كيف ضاع وقتُك، وتتمنى لو تُتاح لك فرصةٌ أخرى لاستثمار وقتك بطريقة أفضل.

ما زالت أمامك اليومَ فرصةٌ لاستدراك ما فاتك، وكلُّ ما عليك فعلُه هو اتخاذ خطوة بسيطة واحدة نحو الأمام اليومَ؛ ومن ثمَّ خطوة أخرى غداً؛ إذ يتعلق الأمرُ بتحويل أهداف حياتك الكُبرى إلى طقوس أو روتينات يومية صغيرة وقابلة للتنفيذ؛ بينما إن لم يكن لديك رغبةٌ أو استعداد لتحويلها إلى طقوس يومية والعمل عليها قليلاً كلَّ يوم بصورة فعلية، فإنَّك لا ترغبُ حقاً في تحسين حياتك وتطويرها بالمقدار الذي تدَّعيه؛ بل إنَّك فقط تحبُّ فكرة تعلُّم أن تكون رشيقاً وتتمتع باللياقة البدنية أو تؤلف كتاباً أو تؤسس عملاً تجارياً لنفسك أو تروج لبيع أعمالك الفنية دون أن تملك رغبةً حقيقية في تنفيذ ذلك.

أمَّا إن كنتَ تملك رغبةً فعلية وحقيقية في الوصول إلى أهدافك الكُبرى بقدر ما تقول ذلك، فسأشرح لك أدناه طريقة تحويلها إلى طقوس أو روتينات يومية، لكنْ سأذكرُ أولاً بعضَ الأهداف الشائعة للغاية، والتي عادةً ما نضعُها لأنفسنا في العصر الحديث:

من ثَمَّ إن كنتَ ترغب في تحويل تلك الأهداف الكبيرة إلى طقوس أو روتينات يومية بسيطة، عليك أن تفكر بما يمكنك فعلُه يومياً كي تقتربَ من تحقيق النتائج التي تريدُها، وإن كان تقدُّمك اليومي بمقدار أصغر خطواتٍ يمكن تخيُّلها كي تتقدم إلى الأمام في حياتك، وبالطبع فإنَّه ليس من السهل دائماً فهمُ ذلك؛ لذا سأورد بعضَ الأفكار بوصفها أمثلةٍ عنه:

  • ابدأْ بالمشي في سبيل إنقاص الوزن كلَّ مساء قبل تناول وجبة العشاء لمدة 10 دقائق في البداية؛ ومن ثمَّ لمدة 15 دقيقة بعد إتمام شهرٍ كامل؛ ومن ثمَّ لمدة 20 دقيقة بعد مرور شهر آخر وهكذا دواليك، وأضِف بعدَها تغييراً صحياً آخر إلى حياتك مثل شرب الماء بدلاً من المشروبات الغازية والعصير الحاوي على السكر بمُجرَّد أن تعتاد على المشي لمدة 45 دقيقة أو أكثر يومياً.
  • اكتُبْ من أجل تأليف كتاب ما لمدة 10 دقائق يومياً طوالَ شهرٍ كامل على التوالي؛ ومن ثمَّ زِدْ مُدَّة الكتابة إلى 15 دقيقة يومياً وهكذا، وتعوَّدْ في النهاية على اتباع روتينٍ أو طقسٍ يومي بالكتابة لمدة 1-2 ساعة متواصلة يومياً.
  • بالنسبة إلى التوقُّف عن التسويف والمماطلة، تعمل عقول مُعظَم البشر بأقصى كفاءتها خلال ساعات الصباح حين نكون مُرتاحين جيداً بعد نومنا ليلاً؛ لذا فمن الواضح أنَّ تضييع هذا الوقت في مهام سخيفة مثل تصفُّح موقع “فيسبوك” (Facebook) تصرفٌ أحمق للغاية.

يجبُ أن تكون هذه الساعات الصباحية التي نتمتع خلالَها بأقصى وأفضل أداء ذهنيٍّ مُخصَّصةً بصورة كاملة للعمل على روتينات أو طقوس يومية تقرِّبُنا من تحقيق أهدافنا؛ والتي من الممكن أن تكون مثلاً تحديدَ المهمة الأكثر أهمية بالنسبة إليك كلَّ صباحٍ والعمل عليها لمدة 10-30 دقيقة قبل فتح متصفح الإنترنت أو استخدام الهاتف الذكي أو غيرها من المهام البسيطة والساذجة.

  • للوقوع في حبِّ الشخص المناسب، عليك أن تُظهِرَ محاسنك وأفضل خصالك للعلَن، وتذهبَ لأماكن جديدة يومياً، وتلتقيَ بأشخاص جدُد دائماً وتصادق مَنْ يُشابهك بعقليَّتك وطريقة تفكيرك.
  • لتصبحَ شخصاً أكثر سعادةً، افعَلْ شيئاً بسيطاً كلَّ يوم لتجعل من العالم المحيط بك مكاناً أفضل للعيش، وتساعدَ الآخرين من حولك، وتحبَّ نفسَك أكثر.
  • من أجل تعلُّم لغةٍ جديدة، ادرُسْ اللغة الأجنبية التي اخترتَها باستخدام برنامج “روزيتا ستون” (Rosetta Stone) أو الاستماع للتسجيلات الصوتية لعالم اللغات “بول بمسلر” (Paul Pimsleur) لمدة 10-30 دقيقة يومياً.
  • للسفر حول العالم، ادَّخرْ المال أو ابدَأْ ببيع مُمتلَكاتك غير الضرورية كي تتمكن من حمل مُقتنَياتك التي تحتاجُ إليها في حقيبة ظهرك في أثناء السفر؛ إذ ينبغي لك تعلُّمْ الرضى بالقليل دائماً وعيش حياتك به؛ ومن ثمَّ احجزْ لترتيبات سفرك باستخدام الأموال التي جنيتَها من بيع أشيائك غير الأساسية مع الانتباه جيداً لميزانيتك وتحديد نفقاتك.
  • لادِّخار المال، ابدَأْ بتقليص بعض نفقاتك أو مصاريفك البسيطة مثل المال الذي تدفعُه لشراء القهوة الفاخرة صباحاً، وتعوَّد على طبخ الطعام وتناوله في المنزل، ويمكنك كذلك بيع سيارتك أو دراجتك والمشيُ أو استقلال القطار بعد ذلك، أو الانتقال إلى منزل أصغر حجماً أو أقلَّ تكلفةً، أو الاستمتاع بالملذَّات البسيطة والنشاطات المجانية بدلاً من إنفاق أموالك على شراء الأشياء.
  • لقراءة مزيد من الكتب، اقرَأْ لمدة 10-15 دقيقة كلَّ صباح، ولمدة 10-15 دقيقة أخرى كلَّ مساء من جديد قبل خلودك إلى النوم.

لا بدَّ أنَّك قد فهمتَ المغزى، فلن تناسبَك جميع هذه الطقوس المُحدَّدة وفقاً لظروفك الخاصة والمختلفة عن ظروف الآخرين، لكن يمكنك التوصُّل إلى روتينات مشابهة قد تكون أكثر ملاءمةً لك وتساعدك فعلاً على النجاح بتحقيق أهدافك؛ إذ يصحُّ المبدأ السابق في جميع الحالات، فما هو إلَّا إنشاء روتينات أو طقوس بسيطة وقابلة للتنفيذ والعيشُ بها يومياً.

شاهد بالفيديو: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

 

5. تتبُّع الأمور التي تسير على نحوٍ جيد في حياتك والشعور بالامتنان والشكر لأجلها قبل النوم:

لا بدَّ أنَّ التغافل عن كل الأمور الرائعة في الحياة مأساةٌ مُرهِقة للغاية؛ لذا عليك أن تبذل قصارى جهدك، وتقدم أفضل ما لديك، وتتنازل عن كل الأمور الأخرى الأقل أهمية كما ذكرنا في الاستراتيجية الثالثة أعلاه؛ فحين تضيعُ داخل أفكارك القلقة بشأن وضعٍ ما تعتقد أنَّه يجب أن يكون في حياتك، ينتهي بك الأمرُ بتضييع فرصة الاستمتاع بجمال الأمور التي لديك فعلاً، كما أنَّك ستواجه صعوبات كبيرة للغاية في أن تكون سعيداً إن لم تكُن ممتناً وشاكراً للأمور الجيدة والرائعة التي تمتلكُها في حياتك في الوقت الراهن.

إليك تمرينٌ يومي بسيط للغاية للتدرُّب على الامتنان مدَّته خمس دقائق فقط، والذي كان مفعوله مُذهِلاً في حياة الآلاف من متلقي الكوتشينغ الذي نقدمه والمتدربين خلال العقد الماضي؛ إذ يتمثل بكتابة ثلاثة أمور جرَت على ما يرام خلال يومك والأسباب التي تكمن وراء ذلك في كلِّ مساءٍ قبل الخلود إلى النوم، مع تقديم تفسيرٍ أو شرحٍ سببيٍّ قصير لكلٍّ من تلك الأمور الثلاثة، وهذا كلُّ ما في الأمر؛ إذ نُنفق أموالاً طائلةً في شراء الأجهزة الإلكترونية باهظة الثمن أو المنازل الكبيرة أو السيارات الفخمة أو قضاء العُطَل المُترَفة آملين الحصولَ على دفعةٍ من السعادة تعزز فرحنا بالحياة، بينما يُعَدُّ هذا التمرين بديلاً مجانياً وناجحاً للغاية.

في دراسةٍ لفاعلية تمرين الامتنان السابق أجراها عالم النفس المشهور “مارتن سليغمان” (Martin Seligman)، طُلِبَ من المشاركين اتباعُ تلك التعليمات الدقيقة لمدة أسبوع واحد فقط؛ وبعد أسبوع واحد، أصبح المشاركون أكثر سعادة من ذي قبل بصورة محسوسة بنسبة تصل إلى 2%، كما أنَّ مستوى سعادتهم واصل الزيادة في فحوصات المُتابَعة والتحقق اللاحقة من زيادةٍ بنسبة 5% بعد شهر واحد إلى 9% بعد ستة أشهر من ممارسة التمرين السابق.

لكنَّ الأكثر إثارة للاهتمام هو: لقد طُلِبَ من المشاركين الاستمرار بتسجيل الأمور التي يشعرون بالامتنان لأجلها لمدة أسبوعٍ واحد فقط، إلَّا أنَّ أغلبَهم استمرَّ بممارسة ذلك التمرين من تلقاء أنفسهم لمُجرَّد استمتاعهم وسعادتهم به.

لقد جربتُه بنفسي منذ سنوات عديدة؛ إذ وضعتُ هدفاً لنفسي بممارسة ذلك التمرين لمدة أسبوع واحد فقط لعلِّي أجدُ السعادة التي أبحث عنها؛ لكنَّني ما زلتُ أمارسه إلى يومنا هذا؛ لذا بإمكاني أن أؤكد وأضمن نجاحه وفاعليته لدرجة أنَّ الشخص يُصبح مُولَعاً به حتى الإدمان.

أفكارٌ عن تقلُّبات الحياة ومُنعطَفاتها:

صدِّقْ أو لا تُصدِّق، غالباً ما تختارُنا طرقُ الحياة التي نمشي فيها إلى حدٍّ ما، ولسنا مَنْ يختارُها؛ فنحن مُسيَّرون ضمن أقدارنا المكتوبة في النهاية، وهذا في الواقع واحدٌ من أكثر الميزات الثمينة للاستراتيجيات التي ناقشناها أعلاه؛ فمن خلال التركيزِ على أنفسنا والتخلُّصِ من الواجبات والأحمال الفائضة والاستغناءِ عن محاولة فرض سيطرتنا على الأمور التي لا نستطيع التحكم بها، وإنشاء طقوس أو روتينات يومية مستمرة وتقديرِ الأمور الجيدة في حياتنا؛ نمنح أنفسَنا المنظور الجيد والدافع اللازمَين للتعامل مع العقبات والتقلُّبات غير المُتوقَّعة التي قد تعترضُ طريقَنا في هذه الحياة؛ وبالفعل، كثيراً ما يختارُك الطريقُ أو المسار المُباشَر أمامك بدلاً من أن تختاره وتقرر السيرَ فيه بإرادتك، وهو ما لا يُعَدُّ أمراً سيئاً أيضاً.

إذ ستجدُ أنَّ بعضَ النتائج والإنجازات العظيمة التي تحدُث في حياتك ستكون تلك التي لم تدركْ أنَّك تريدُها حتَّى؛ وطالما أنَّك تُبقي عقلَك منفتحاً ومستعدَّاً لتقبُّل الأفكار ووجهات النظر الجديدة وتحافظ على تطوُّرك وتقدُّمك المستمر إلى الأمام، فلن يكون تواجه مُنعطَفات خاطئة فعلياً؛ إنَّما مُجرَّد دروب لم تعرفْ أنَّ من المُقدَّر لك أن تسلكها، ولا يمكنك أن تكون أكيداً أبداً ممَّا سيحدث في المُستقبَل القريب، والذي قد يكون أيَّ شيء غير مُتوقَّع، لكن عليك أن تستمرَّ بالتحرُّك بوضع إحدى قدمَيك أمام الأخرى تباعاً، وستدرك يوماً ما أنَّك قد قطعتَ شوطاً طويلاً من حيثُ بدأت.

في الختام:

بصرف النظر عن كلِّ ما سبق، ستتوحد جميعُ قطع أحجية حياتك يوماً ما، وتتضح لك الرؤية عندَها، ومن المُحتمَل أن تظهر نتائج إيجابية في حياتك بطريقة لا يمكن استيعابُها، حتَّى وإن لم ينتهِ كلُّ شيءٍ بالطريقة التي توقَّعتَها تماماً، وستنظرُ إلى كل الأحداث الماضية في حياتك وتتذكرها مبتسماً ومتعجباً من طريقة تجاوزك لها والوصول إلى مكانك الحالي.

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى