كيف تحول خيالاتك لأرقام في حسابك البنكي؟

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في 2008 كتبت تقريرا في مجلة الشباب أشرح فيه للناس ما هو “الفيسبوك”، كان هذا العالم غريبا وغير مفهوم، لم أتخيل وقتها أن يبتلع الفيسبوك العالم كله ليصبح واقعا مسيطرا يتجاوز مجرد الترفيه.

الآن بدأنا ندخل عصرا جديدا، فبدلا من الصداقات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي نتحدث الآن عن حياة افتراضية بالكامل على الميتافيرس، حياة يمكنك أن تشتري أراضي فيها وتبني منزلا وتستأجر محلا وترسم اللوحات وتتاجر في العملات.

شغلتني الأرقام وجعلتني أبحث عن السر وراء عالم الخيال الممسوك، نعم الميتافيرس جعل الخيال واقعا يمكن ترجمته في حسابك البنكي، لم يعد الخيال هروبا من الواقع ، بل أصبح الخيال جزءا من الواقع قادرا على نقل صاحبه من حال لحال، حال حقيقي يتجاوز حدود العقل.

دعونا نبدأ بالأرقام، نتحدث عن قطع أراضٍ افتراضية بدأ طرحها ب 15 ألف دولار للقطعة، 15 ألف دولار لماذا؟ أين تلك الأراضي؟ إنها على منصات تحلّق في العالم الافتراضي، من النزق ” وهو فعل في أحد معانيه يطلق على الطائش ” الذي يمكن أن يدفع ما يقارب من 300 ألف جنيه في قطعة أرض مرتبطة بخوارزمية موجودة في سحب الميتافيرس؟ أحب ان أقول لك إن هناك من دفع، وهناك من تحول لنزق “ولها معنى آخر وهو نزق الفرس أي وثب بخفة” ليعيد بيع القطع من جديد بنصف مليون دولار، هناك قطع وصلت أسعارها الآن لخمسة مليون دولار واشترتها شركات كبيرة ومحترمة، هذا بالفعل استثمار نزق “باعتبار المعنيين في الوقت نفسه”.

حتى أذهب لنقطة أخرى أحب أن أنوّه الآن سوق الأراضي الافتراضية تم استثمار أكثر من 500 مليون دولار فيه العام الماضي ويتوقع أن يبلغ حجمه هذا العام مليار دولار.

بالمناسبة، فكبرى الشركات الآن تفتح لها متاجر في هذا العالم، يمكنك أن تدخل متجر ملابس مثلا وتجرب شكل قميص أعجبك ثم تشتريه وتدفع ثمنه بإحدى العملات الرقمية ويتم إرساله لمنزلك، يمكنك أن تحضر حفلا لمطربك المفضل وهناك مطربون عالميون فعلوا هذا بالفعل، انتشرت هذه الأيام حفلات الزفاف الافتراضية، بالتأكيد هي أرخص من استئجار قاعة أفراح حقيقية، ويمكنك باستخدام تقنيات الواقع المعزز أن ترقص وتتكلم مع باقي حضور الحفل وانت في مكانك..

هناك توقعات أنه في خلال السنوات الثلاث القادمة ستتحول كل الاجتماعات والتي كنا نجريها سابقا عبر تطبيق زووم لتكون في الميتافيرس، الشركات تفتح مقرات لها هناك فيمكنك وأنت في منزلك في أبو المطامير أن تحضر اجتماعا في مقر شركة أبل في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، صحيح لحضور الاجتماع ينبغي أن تشتري بدلة افتراضية.

لا أريد إغراقكم بالتفاصيل، هناك أشياء أخرى تبعث على الجنون، منها الأعمال الفنية المنتجة بتقنية NFTS أو الرموز غير قابلة للاستبدال، في العالم الافتراضي يمكن تقدير الفن، هناك لوحات تم تكويدها بهذه الطريقة ووصل سعرها لنحو 70 مليون دولار أمريكي، ماذا ستفعل في هذه اللوحة؟ يمكنك وضعها بفخر في منزلك الافتراضي، يمكنك اقتناؤها لإعادة بيعها، يمكنك استخدامها كصورة لملفك الشخصي، تخيل من يشتري لوحة لبيكاسو أو فان جوخ أو عبد الهادي الجزار؟ سيدفع فيها ملايين وسيقتنيها في منزله. لكل عالم منازله.

الفكرة أن هذا العالم من الخيال له عملاته، بلغ عدد العملات الرقمية نحو 18 ألف عملة، منذ عام تجاوز حجم هذا السوق 3 تريليونات دولار، ثلاثة آلاف مليار دولار، ثلاثه وأمامها 12 صفرا، هذه العملات يمكن تحويلها للعملات العادية، يمكنك شراء منزل حقيقي أو حتى وجبة فراخ مقلية بها.

هناك أشخاص حقيقيون مثلي ومثلك أصبحوا من أصحاب الملايين عبر الدخول لهذه العوالم، عوالم جمع عالم وعالمه في نفس الوقت فمن سماتها الرقص صعودا وهبوطا، وهناك آخرون خسروا الكثير، في الحالتين. نحن نتكلم عن مستقبل غير متوقع، على الأقل لو لم نكن جزءًا منه فلنسع لفهمه ونسع لأن يكون أولادنا متفاعلين معه.


رابط المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى