ما هو علم الكيمياء؟

[ad_1]

ما هو علم الكيمياء بصورة عامة؟

الكيمياء هو العلم الذي يتعامل مع خصائص المواد وتكوينها وبنيتها (تُعرف بالعناصر والمركبات) والتحولات التي تخضع لها والطاقة التي يتم إطلاقها أو امتصاصها في أثناء هذه العمليات، وتتكون كل مادة سواء كانت طبيعية أم منتجة بشكل مصطنع من واحد أو أكثر من نوع من الذرات التي تم تحديدها بوصفها عناصر، وعلى الرغم من أنَّ هذه الذرات بدورها تتكون من المزيد من الجسيمات الأولية، إلا أنَّها تشكل اللبنات الأساسية للمواد الكيميائية.

على سبيل المثال، لا توجد كمية من الأوكسجين أو الزئبق أو الذهب أصغر من الذرة من تلك المادة، لذلك لا تهتم الكيمياء بالمجال دون الذري، لكن بخصائص الذرات والقوانين التي تحكم توليفاتها وكيف يمكن استخدام معرفة هذه الخصائص لتحقيق أغراض محددة.

يتمثل التحدي الأكبر في الكيمياء في تطوير تفسير متماسك للسلوك المعقد للمواد، ولماذا تظهر كما هي؟ وما الذي يمنحها خصائصها الدائمة؟ وكيف يمكن للتفاعلات بين المواد المختلفة أن تؤدي إلى تكوين مواد جديدة وتدميرها؟ منذ المحاولات الأولى لفهم العالم المادي بمصطلحات عقلانية كافح الكيميائيون لتطوير نظريات للمادة تشرح شرحاً مُرضياً كلاً من الديمومة والتغيير.

التجمع المنظم للذرات غير القابلة للتدمير في جزيئات صغيرة وكبيرة أو الشبكات الممتدة من الذرات المختلطة يتم قبولها عموماً بوصفها أساساً للديمومة، في حين أنَّ إعادة تنظيم الذرات أو الجزيئات في ترتيبات مختلفة تكمن وراء نظريات التغيير، وهكذا تتضمن الكيمياء دراسة التركيب الذري والبنية الهيكلية للمواد فضلاً عن التفاعلات المتنوعة بين المواد التي يمكن أن تؤدي إلى تفاعلات مفاجئة وعنيفة في كثير من الأحيان.

تهتم الكيمياء أيضاً باستخدام المواد الطبيعية وابتكار مواد اصطناعية، فالطبخ والتخمير وصنع الزجاج وعلم المعادن كلها عمليات كيميائية تعود إلى بدايات الحضارة، واليوم يمثل الفينيل والتفلون والبلورات السائلة وأشباه الموصلات والموصلات الفائقة ثمار التكنولوجيا الكيميائية، وقد شهد القرن العشرين تطورات هائلة في فهم الكيمياء الرائعة والمعقدة للكائنات الحية والتفسير الجزيئي للصحة والمرض، الأمر الذي يبشر بالخير.

تدرس الكيمياء الحديثة بمساعدة الأدوات المتطورة دراسةً متزايدةً مواد صغيرة مثل الذرات المفردة والكبيرة والمعقدة مثل الحمض النووي (حمض الديوكسي ريبونوكلييك) الذي يحتوي على ملايين الذرات، ويمكن أيضاً تصميم مواد جديدة لتحمل الخصائص المرغوبة، ومن ثم تصنيعها.

ترتبط الكيمياء ارتباطاً وثيقاً بالتحديات الفكرية للكيمياء بتلك المرتبطة بالصناعة، ففي منتصف القرن التاسع عشر أكد كيميائي ألماني أنَّه يمكن قياس ثروة الأمة بمقدار ما أنتجت من حامض الكبريتيك، وما يزال هذا الحمض ضرورياً للعديد من عمليات التصنيع، واليوم يُعَدُّ هذا المنتج الكيميائي المنتج الرائد في البلدان الصناعية، كما تُعَدُّ الدولة التي تنتج كميات كبيرة من حامض الكبريتيك هي دولة ذات صناعة كيميائية قوية واقتصاد قوي ككل.

يُعَدُّ إنتاج وتوزيع واستخدام مجموعة واسعة من المنتجات الكيميائية أمراً شائعاً في جميع الدول المتقدمة للغاية، وفي الواقع يمكن للمرء أن يقول إنَّ “العصر الحديدي” للحضارة يتم استبداله بـ “عصر البوليمر”؛ وذلك لأنَّ الحجم الإجمالي للبوليمرات المنتجة الآن في بعض البلدان يتجاوز حجم الحديد.

ما هو نطاق علم الكيمياء؟

لطالما سعى العلماء إلى التعرف إلى جميع مجالات الكيمياء وإتقان كل مجال منها كي يزيدون من قدرتهم على الاكتشاف والاختراع، ومع مرور الوقت أصبح بعض الكيميائيين ذوي الاهتمامات البحثية المتخصصة الأعضاء المؤسسين لمجال التخصص؛ إذ تظل مجالات التخصص التي ظهرت في وقت مبكر من تاريخ الكيمياء مثل الكيمياء العضوية وغير العضوية والفيزيائية والتحليلية والصناعية، إلى جانب الكيمياء الحيوية ذات أهمية عامة كبرى.

مع ذلك كان هناك نمو كبير في مجالات البوليمر والكيمياء البيئية والطبية خلال القرن العشرين، إضافة إلى ذلك تستمر التخصصات الجديدة في الظهور، على سبيل المثال، مبيدات الآفات والطب الشرعي وكيمياء الحاسوب وغيرها؛ لذلك لا بد أن نفصِّل في أهم أنواع الكيمياء:

1. الكيمياء التحليلية:

معظم المواد الموجودة على الأرض مثل الخشب أو الفحم أو المعادن أو الهواء هي خليط من العديد من المواد الكيميائية المختلفة والمتميزة، فكل مادة كيميائية نقية (مثل الأوكسجين أو الحديد أو الماء) لها مجموعة مميزة من الخصائص التي تمنحها هويتها الكيميائية، الحديد على سبيل المثال هو معدن شائع من الفضة والأبيض يذوب عند 1535 درجة مئوية، وهو مرن للغاية ويتحد بسهولة مع الأوكسجين لتشكيل المواد الشائعة الهيماتيت والمغنتيت.

الكشف عن الحديد في خليط من المعادن أو في مركب مثل أوكسيد الحديد الأسود هو فرع من فروع الكيمياء التحليلية يسمى التحليل النوعي أو يسمى قياس الكمية الفعلية لمادة معينة في مركب أو مخلوط التحليل الكمي، وقد حدد القياس التحليلي الكمي على سبيل المثال أنَّ الحديد يشكل 72.3% بالكتلة من أوكسيد الحديد الأسود وهو المعدن الذي يُنظر إليه عادةً على أنَّه رمال سوداء على طول الشواطئ والبنوك.

على مر السنين اكتشف الكيميائيون تفاعلات كيميائية تشير إلى وجود مثل هذه العناصر الأولية من خلال إنتاج منتجات تسهل رؤيتها وتحديدها، ويمكن الكشف عن الحديد بالوسائل الكيميائية حتى إذا كان موجوداً في عينة بمقدار جزء واحد في المليون أو أكثر، كما تكشف بعض الاختبارات النوعية البسيطة جداً عن وجود عناصر كيميائية محددة بكميات أقل.

يمكن رؤية اللون الأصفر المنقول إلى اللهب بواسطة الصوديوم إذا كانت العينة المشتعلة تحتوي على أقل من واحد من المليار من الجرام من الصوديوم، فقد سمحت مثل هذه الاختبارات التحليلية للكيميائيين بتحديد أنواع وكميات الشوائب في المواد المختلفة وتحديد خصائص المواد شديدة النقاء، فالمواد المستخدمة في المختبر المشترك تحتوي عموماً على مستويات شوائب أقل من 0.1%، وبالنسبة إلى التطبيقات الخاصة يمكن شراء مواد كيميائية بها شوائب أقل من 0.001%، وهذا يمكِّن تحديد المواد النقية وتحليل المخاليط الكيميائية بواسطة جميع التخصصات الكيميائية الأخرى.

لم تكن أهمية الكيمياء التحليلية أكبر مما هي عليه اليوم؛ إذ إنَّ الطلب في المجتمعات الحديثة على مجموعة متنوعة من الأطعمة الآمنة والسلع الاستهلاكية ذات الأسعار المعقولة والطاقة الوفيرة والتقنيات الموفرة للعمالة يضع عبئاً كبيراً على البيئة، وينتج عن التصنيع الكيميائي نفايات إضافة إلى المواد المطلوبة ولم يتم دائماً التخلص من النفايات بعناية.

حدث اضطراب البيئة منذ فجر الحضارة، وازدادت مشكلات التلوث مع نمو سكان العالم، وقد يتم الاعتماد على تقنيات الكيمياء التحليلية بشكل كبير للحفاظ على بيئة أقل تلوثاً، كما يجب تحديد المواد غير المرغوب فيها في الماء والهواء والتربة والغذاء وتثبيت نقطة منشئها، وتطوير طرائق آمنة واقتصادية لإزالتها أو إبطال مفعولها، وبمجرد تقييم كمية الملوثات التي تُعَدُّ خطرة يصبح من الهام اكتشاف المواد الضارة بتركيزات أقل بكثير من مستوى الخطر؛ إذ يسعى الكيميائيون التحليليون إلى تطوير تقنيات وأدوات دقيقة وحساسة بشكل متزايد.

حسَّنت الأدوات التحليلية المتطورة المقترنة غالباً بأجهزة الحاسوب الدقة التي يمكن للكيميائيين من خلالها التعرف إلى المواد وخفضت حدود الكشف؛ إذ إنَّها تقنية تحليلية تفصل بين المكونات المختلفة للمزيج الغازي عن طريق تمرير الخليط عبر عمود طويل وضيق من مادة ماصة لكن مسامية، وقد تتفاعل الغازات المختلفة تفاعلاً مختلفاً مع هذه المادة الماصة وتمر عبر العمود بمعدلات مختلفة.

عندما تتدفق الغازات المنفصلة من العمود يمكن تمريرها إلى أداة تحليلية أخرى تسمى مطياف الكتلة الذي يفصل المواد وفقاً لكتلة الأيونات المكونة لها، وأيضاً يمكن لمقياس “كروماتوجراف الغاز” أو مطياف الكتلة أن يتعرف بسرعة إلى المكونات الفردية لمزيج كيميائي قد لا تزيد تركيزاته عن بضعة أجزاء في المليار، ويمكن الحصول على حساسيات مماثلة أو حتى أكبر في ظل ظروف مواتية باستخدام تقنيات مثل الامتصاص الذري والتصوير والاستقطاب وتنشيط النيوترونات.

2. الكيمياء الحيوية:

مع نمو فهم الكيمياء غير الحية خلال القرن التاسع عشر، أدت محاولات تفسير العمليات الفيزيولوجية للكائنات الحية من حيث التركيب الجزيئي والتفاعلية إلى ظهور تخصص الكيمياء الحيوية؛ إذ يستخدم علماء الكيمياء الحيوية تقنيات ونظريات الكيمياء لاستكشاف الأساس الجزيئي للحياة، ويتم التحقيق في كائن حي على أساس أنَّ عملياته الفيزيولوجية هي نتيجة لآلاف من التفاعلات الكيميائية التي تحدث بطريقة متكاملة للغاية.

لقد وضع علماء الكيمياء الحيوية من بين أمور أخرى المبادئ التي يقوم عليها نقل الطاقة في الخلايا والتركيب الكيميائي لأغشية الخلايا وترميز ونقل المعلومات الوراثية ووظائف العضلات والأعصاب ومسارات التخلق الحيوي، وفي الواقع وُجد أنَّ الجزيئات الحيوية ذات الصلة تؤدي أدواراً مماثلة في الكائنات الحية تختلف عن البكتيريا والبشر.

مع ذلك فإنَّ دراسة الجزيئات الحيوية تنطوي على العديد من الصعوبات، وغالباً ما تكون هذه الجزيئات كبيرة جداً وتُظهِر تعقيداً هيكلياً كبيراً، إضافة إلى ذلك فإنَّ التفاعلات الكيميائية التي يخضعون لها عادةً ما تكون سريعة للغاية، والفصل بين خيوط الحمض النووي على سبيل المثال يحدث في جزء من المليون من الثانية، هذه المعدلات السريعة للتفاعل ممكنة فقط من خلال العمل الوسيط للجزيئات الحيوية المسماة الإنزيمات.

الإنزيمات عبارة عن بروتينات تدين بقدراتها الرائعة على تسريع معدل التفاعل لبنيتها الكيميائية ثلاثية الأبعاد، فليس من المستغرب أن يكون للاكتشافات البيوكيميائية تأثير كبير في فهم المرض وعلاجه، فقد تم إرجاع العديد من الأمراض الناجمة عن الأخطاء الخلقية في عملية التمثيل الغذائي إلى عيوب وراثية محددة، وقد تنجم الأمراض الأخرى عن اضطرابات في المسارات البيوكيميائية الطبيعية.

يُعَدُّ اكتشاف العوامل العلاجية وطريقة عملها وتدهورها من المجالات الرئيسة للدراسة في الكيمياء الحيوية؛ إذ يمكن علاج الالتهابات البكتيرية بالسلفوناميدات والبنسلين والتتراسيكلين، وقد كشفت الأبحاث في العدوى الفيروسية عن فاعلية الأسيكلوفير ضد فيروس الهربس، وثمة اهتمام كبير حالياً بتفاصيل التسرطن والعلاج الكيميائي للسرطان.

من المعروف على سبيل المثال أنَّ السرطان يمكن أن ينتج عندما تتفاعل الجزيئات المسببة للسرطان أو المواد المسرطنة كما يطلَق عليها مع الأحماض النووية والبروتينات وتتداخل مع أساليب عملها الطبيعية، وقد طوَّر الباحثون اختبارات يمكنها تحديد الجزيئات التي يُحتمل أن تكون مسببة للسرطان، وبالطبع إنَّ التقدم في الوقاية من السرطان وعلاجه سوف يتسارع بمجرد فهم الأساس الكيميائي الحيوي للمرض بشكل كامل.

في الختام:

بذلك يكون قد أصبح لدينا نظرة عامة عن علم الكيمياء وأصبحنا على دراية بأهم الأمور المتعلقة به، وهذا العلم أحد أهم أسباب تقدُّمنا الحالي وخاصةً في مجال المعالجة الدوائية والمبيدات الحشرية.

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى