نظرية القضبان الستة: استراتيجية لحياة مثالية

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في الموازنة بين مجالات حياته وعيش حياة مثالية.

بالمثل أيضاً لكي تحيا حياةً مثالية، عليك التأكد من أنَّ قضبان حياتك جميعها مثبتة بإحكام، وباستخدام عجلة ثابتة ومتينة ستتمكن من المُضي قُدماً بسلاسة؛ وعلى النقيض من ذلك، إذا لم تكن تلك القضبان مثبتة بإحكام، فقد تخاطر بحدوث كَسر في العجلة، ممَّا يجعل من الصعب تحريكها.

أسمي هذه نظرية القضبان الستة، فبالنسبة إلى معظمنا، تُعدُّ هذه أفضل طريقة للنظر إلى الحياة، وإليك ما تمثله هذه القضبان:

  1. الجسم: حالة جسمك بما في ذلك نظامك الغذائي والقدرة على التحمل والقوة والشفاء.
  2. العقل: قدرتك على التركيز والراحة واكتساب المعرفة.
  3. الحب: علاقتك بالعائلة والأصدقاء والأطفال وشريك حياتك.
  4. العمل: مقدار الرضى الداخلي والمكافآت المالية التي تتلقاها من حياتك المهنية.
  5. المال: ما تفعله بالمال الذي لديك.
  6. التسلية: ما مدى قدرتك على الترفيه عن نفسك.

لا يتعلق الأمر بالنجاح بخلاف نظريات الحياة الأخرى؛ إذ تتحدث نظرية القضبان الستة عن عيش حياةٍ مثاليةٍ ومتوازنة، ولا يتعلق الأمر بأن تصبح الأفضل في العالم، أو بالتضحية بمجالات معينة في الحياة حتى تتمكن من تحقيق النجاح في حياتك المهنية.

كيفية تطبيق نظرية القضبان الستة على الحياة اليومية:

كيف يمكنك استخدام هذه النظرية للعيش بأفضل حال؟ شيءٌ واحد قد تلاحظه هو أنَّ كلَّ سلك أو قضيب من قضبان هذه العجلة على القدر نفسه من الأهمية.

إذ لا يمكننا القول إنَّ عملنا أهم من أجسامنا، وإذا أهملنا العناية به، ستتأثر قدرتنا على العمل في النهاية؛ ففي الحياة، يرتبط كلُّ شيء ببعضه بعضاً أيضاً، إذا أهملت مجالاً واحداً من مجالات حياتك، ستتأذى بطريقةٍ ما على الأمد الطويل.

لهذا السبب أجد تشبيه الحياة بالعجلة مفيداً جداً، فقد نشأت في هولندا، وكانت الدراجة هي دائماً وسيلة النقل الأساسية، وقد قدت دراجتي بسلك مفقود مرات عديدة، ومع ذلك كان بإمكاني الاستمرار في قيادتها، لكن كانت تلك القيادة محفوفةً بالمخاطر.

إذا لم أصطدم بعثرة في الطريق، سيكون كلُّ شيء على ما يرام، لكن أتذكر ذات مرة، أنَّني كنت أقود دراجتي بسلكٍ مكسور، وبعض القضبان الأخرى لم تكن مثبتة جيداً، فحاولت قيادة الدراجة على الرصيف وبمجرد أن اصطدمت عجلة دراجتي بالرصيف، انكسر الإطار، ولم أستطع استخدامها بعد ذلك.

تنطبق الفكرة نفسها على نظرية القضبان الستة، فلنفترض أنَّك أهملت مؤقتاً السلك الأول وهو الجسم “Body Spoke”، ولم تهتم بممارسة التمرينات الرياضية، ستكون بخير لبعض الوقت، لكن إذا استمررت في إهمال جسدك لفترة طويلة، ستكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض والشعور المتواصل بالتعب.

شاهد بالفديو: 7 مبادئ لاستعادة التوازن في الحياة

 

وازن طاقتك وليس وقتك:

يعدُّ التحدي الأكبر في عيش حياة مثالية هو مقدار الوقت الذي تقضيه في مجالات الحياة جميعها؛ فمن الناحية التقليدية: “تحتاج إلى تخصيص الوقت لكلِّ شيء بالقدر نفسه”، وهذا النوع من التفكير يسبب الإحباط والصراع الداخلي لأنَّه مستحيل.

إذ يستهلك العمل بطبيعته معظم وقتنا، لكن إذا نظرت إلى نظرية القضبان الستة من هذا المنظور، ستقول إنَّ بعض القضبان أكثر أهمية من بعضها الآخر، وهذا ليس صحيحاً.

تذكَّر كلَّ قضبان (مجالات) الحياة بالقدر نفسه من الأهمية، فمن الغباء القول إنَّ العمل أهم من الحب، كلُّ شيء هام؛ لكن توجد طريقة واحدة للتفكير في الموازنة بينها وهي أنَّك تحتاج إلى إنفاق القدر نفسه من الطاقة في كلِّ مجال من مجالات الحياة.

تخيل أنَّ لديك 6 كتل من الطاقة، وتحتاج إلى إنفاق هذه الطاقة خلال 18 ساعة والتي تكون فيها مستيقظاً، لكن لنفترض أنَّك بحاجة إلى العمل لمدة 8 ساعات.

إذاً ستحتاج إلى توخي الحذر بشأن كيفية إنفاق طاقتك خلال تلك الساعات الثمانية، فلا يمكنك التحرك أو التقدم بأقصى سرعة، لكن اعمل بتروٍّ، فذلك يشبه معدل ضربات القلب في أثناء الجري تماماً، الفكرة هي أنَّك تستطيع الاستمرار لفترة أطول إذا تدربت على استخدام 70% – 80% من أقصى معدل ضربات قلبك.

ربما ستكون قادراً على الجري لمدة ساعتين بنسبة 70%، لكن فقط 25 دقيقة بنسبة 90%، فالأمر كلُّه يتعلق بإنفاق الطاقة، فإذا ركضت بسرعة أكبر، فلن تقطع مسافة أطول؛ وهذه واحدة من أكبر التناقضات في الحياة، لهذا السبب نحن نعاني معها كثيراً.

يستهلك معظمنا طاقة مخصصة لمجالٍ آخر في الحياة، عندما تفعل ذلك، يكون الأمر أشبه بركوب دراجة ينقصها أحد القضبان، قد تنجح في قيادتها؛ لكنَّها قيادة محفوفة بالمخاطر؛ لذلك عندما تستخدم مزيداً من الطاقة في العمل، قد لا يكون لديك طاقة لإنفاقها على تقوية جسمك.

تذكَّر: نحن نشعر بالإحباط فقط عندما نحاول موازنة وقتنا، وهذا مستحيل؛ إذ لا يمكننا إعطاء القدر نفسه من الوقت لجسدنا وعقلنا وحبنا وعملنا ومالنا ولعبنا، ومع ذلك لا يمكننا تحمل تجاهل هذه المجالات أيضاً؛ لهذا السبب نحتاج إلى التركيز على مقدار الطاقة التي ننفقها في كلِّ مجال.

أمثلة من الحياة اليومية:

تركِّز نظرية القضبان الستة على الاستهلاك الذكي للطاقة؛ إذ إنَّ هذه النظرية لن تُجدي نفعاً إذا كنت تنفق الطاقة على الأنشطة السلبية وغير المجدية؛ لذا يجب أن تعي هذا الأمر، وإليك هنا بعض الأمثلة:

1. الحب:

عندما أقضي الوقت مع الأشخاص الذين أحبهم، وأعطيهم كامل اهتمامي ودعمي وأعاملهم بلطف، يترتب على هذا عواقب عدة:

2. المال:

أقرر كلَّ يوم أن أكون حريصاً في التعامل مع أموالي، فلا أبددها، ولا أحلم بالحصول على المزيد منها، وأراها كأداة لتحقيق أهدافي؛ وعندما كنت أرى شخصاً يقود سيارة فاخرة، كنت أقول لنفسي: “أريد كسب مزيد من المال حتى أتمكن من شراء مثل هذه السيارة”.

لكن بعد ذلك أدركت أنَّ كلَّ شيء له ثمنه، ولست على استعداد للتضحية بالمجالات الأخرى من حياتي حتى أكون “ناجحاً”، أنا أفضِّل أن أحظى بحياة مثالية.

3. اللعب أو التسلية:

أحب الاستمتاع بطرائق مختلفة، فأنا أستمتع بمشاهدة البرامج الكوميدية، وأحب قراءة الكتب، وتعلمت منذ فترة الرماية، وألعب ألعاب الفيديو؛ وفي بعض الأيام أفعل ذلك لمدة 30 دقيقة، لكنَّ الأمر لا يتعلق بالوقت، إنَّه يتعلق بتأثير ذلك في نفسي.

كما أنَّني لست بحاجة إلى أيِّ شخص للترفيه عني، فيوجد الآلاف من الأشياء التي يمكنني القيام بها وحدي والتي تمنحني السعادة؛ لكن لا ينبغي لي فعل ذلك طوال الوقت، فلدي 5 قضبان أخرى في عجلتي؛ أي خمسة مجالات أخرى عليَّ الاهتمام بها.

في الختام:

تُظهر نظرية القضبان الستة أنَّنا لا يمكننا إهمال مجالات هامة من الحياة إذا أردنا أن نعيش على النحو الأمثل، وهذا يتطلب اتخاذ خيارات صعبة؛ وبينما لا يمكننا إهمال أيِّ مجال من مجالات الحياة، لا يمكننا أيضاً القيام بكلِّ ما نريده في الوقت نفسه.

طاقتنا محدودة، وهذا له تأثير كبير في حياتنا وعملنا، وقد لا تساعدك هذه النظرية في أن تصبح الأفضل في العالم، لكن 99% من الناس ليس لديهم هذه الرغبة، لكن لدينا الرغبة في أن نعيش حياة جيدة، حياة كاملة مع ستة قضبان ثابتة ومحكمة.


رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى