هل هي عودة لأزمة 2008؟

[ad_1]

هناك قلق شديد وحذر يعيشه قطاع المصارف في العالم، خوفا من ارتدادات أزمة المصارف الأمريكية على مصارفنا المحلية بل والعالمية، وما ستؤول إليه في ظل ما حدث من تداعيات لأزمة الرهن العقاري الأمريكية 2008، التي تسببت في أزمة مالية عالمية لا تزال آثارها في بعض القطاعات قائمة، بل اعتبرها الخبراء والمحافل الدولية بأنها تضاهي الكساد العظيم وهي الأزمة الاقتصادية التي حلت في نهاية العشرينيات.
ليس بغريب أن تتأثر قطاعات بعينها في السوق الأمريكية جراء التضخم وسياسة رفع الفائدة التي تتخذها الولايات المتحدة، رامية بعرض الحائط نتائجها ومضارها ومدى انعكاسها السيئ على السوق المحلية والعالمية، وهذا مؤشر كبير على أخطاء الرفع المتكررة وأثرها على السوق سيأتي تباعا.
سياسة رفع سعر الفائدة بصورة متلاحقة دون الانتظار إلى حين يأتي مفعولها البطيء، والعالم يعيش أزمة صحية لا تزال متربصة، فقد قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة مرة واحدة خلال هذا العام وسبع مرات في العام الماضي. إن هذا يشكل خطرا كبيرا بالذات على القطاع المالي برمته، وبالتالي على الاقتصاد والسوق، لن نبالغ حين نقول إن القطاع المالي يتحكم في الاقتصاد الكلي، في السوق والمشاريع والقطاعات وحتى على حياة الأفراد، لذا فإن اتخاذ سياسات مالية بهذا القدر من «المجازفة» إن جاز الوصف في تحد مع موجة تضخم «طبيعية» تأتي على أعقاب حظر دولي وركود الأسواق والإصرار على كسرها، إنه يشبه الموت الرحيم بكل أوجهه، ويضاعف حساسية السوق، ويتسبب بأزمة سيولة وهذا ما حدث. ووفقا للبيانات الرسمية في مطلع 2023، فالتضخم في أمريكا لم ينخفض عن 6.4%، ما يعني أنه لحد الآن لم يحقق الهدف المنشود جراء رفع سعر الفائدة.
وتتعجب أن هذه السياسات تصدر من مركز المالية العالمي ذاته، ألا وهي الولايات المتحدة، فنتائج مثل هذه القرارات تأتي بأثر رجعي كما يحدث الآن، في الحقيقة لا أدري كيف ذهبت السياسات الأمريكية المالية إلى مثل هذه القرارات «العجولة» وهي التي مرت بأسوء أزمة مالية في تاريخها منذ قرابة 15 عاما، وكان يتوجب عليها أن يكون لها ذلك درسا وعظة حين عرضت الاقتصاد العالمي إلى الانهيار في 2008، وها هي الآن تجعله في حالة تأهب قصوى وتشكل مخاطرة على رأس المال قد لا يحمد عقباها، ولا يمكن أن تعتمد على معالجات آنية قد لا تصمد فيها المصارف، فها هي أزمة السيولة من جديد تلوح في الأفق، وتعرض قطاعها العملاق «المالي» لشبح السقوط مرة أخرى.
والأعجب أن هناك خبراء أمريكيين يحذرون الحكومة من تراجعها عن استمرار سياسة رفع الفائدة والمضي فيه، وعدم التأثر بما يجري؟ بل أنهم يقولون إن ما يحدث يختلف عن عام 2008؟
في الحقيقة، الوضع في أمريكا يختلف اختلافا كبيرا عن أي سوق أخرى حتى الأوروبية، فتأثير البورصات والأسواق المالية الكبير، وكذلك وضع البنوك الرقمية وعملاتها المشفرة وانهيارها وموجة التسريحات ذات النسب الكبيرة، وأزمة السيولة وتراجع الفائدة والاستثمارات، تشكل أزمة تحتاج أن يهدأ السوق، والأكثر خطورة أن الأزمة الحقيقية هي أزمة السيولة.
ويبدو أن المصارف الأمريكية تعلمت الدرس أكثر من السياسة الأمريكية، حين هبت لنجدة المصارف التي تستغيث، إلا أن هذه الهبة التي «سكنت الألم» قد لا تكفي لمعالجته، وعليه العالم قد يتعرض لأزمة مالية جديدة جراء ما يحدث في الولايات المتحدة إن أعيد السيناريو المنصرم.
فلماذا أزمة ونحن نعيش مرحلة الإدراك التي يمكن من خلالها السيطرة على الأزمات؟ ذلك لأن قطاع المصارف في العالم أشبه بعروق لجسد واحد، لا يمكن أن تسيطر على نزيفه إذا تعرض لبتر مفاجئ، فهذا القطاع بالذات ودونا عن القطاعات الباقية، أكثر القطاعات المترابطة والتي تشكل منعطفا مسيطرا حتى في الأزمات، فقد يشكل نقطة ضعف الدول في معاقبة دولية جراء السياسات المالية، وقد يكون ثغرة لتشكيل قوة خارجة عن القانون بأنظمة غسيل الأموال وخلافه، هذا القطاع هو قلب وأوردة الاقتصاد على كل حال، وتعد الولايات المتحدة مركزا رئيسيا له.

أخبار متعلقة

أحداث عجيبة في سان دييغو!!
أم سلمة.. ودرسٌ في القيادة

[ad_2]

رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى