5 أمثلة تعلِّمك العثور على الجمال في تغيرات الحياة المؤلمة

أحياناً يتغير اتجاه حياتنا خلال جزء من الثانية، ويمكن لقرار عادي أن يعبث باستقرارنا، وكم من حيوات انقلبت رأساً على عقب للأفضل أو للأسوأ جرَّاء أحداث غير متوقعة، تحدث هذه التفاصيل دائماً، ومهما بدت الأحوال سيئة أم جيدة الآن فإنَّها ستتغير بلا شك.

يعاني المرء في أثناء مقاومته للتغيير؛ لذلك عليه أن يتعلم التأقلم والمرونة والبحث عن الجمال في تغيرات الحياة حتى لو كانت تخالف رغباته.

5 أمثلة عن تغيرات حياتية شائعة نميل جميعاً لمقاومتها:

1. لنفترض أنَّ شخصاً تكنُّ له الاحترام غضب منك وأخذ يصرخ عليك:

ينبع التغير من حقيقة أنَّنا نتوقع من الآخرين التصرف بطريقة معينة، وأن يعاملونا بلطف وإنصاف واحترام؛ لكنَّهم معرضون لفقدان أعصابهم في بعض المواقف؛ ممَّا يدفعنا إلى مقاومة هذا التغيير؛ لأنَّه يختلف عن تطلعاتنا وتوقعاتنا إزاء الأمور؛ بذلك تتغير تصوُّراتنا وتوقعاتنا، وهكذا نصل إلى حالة من الارتباك والاضطراب والشعور بالإهانة.

2. قد يرفض طفلك التعاون معك:

نتوقع أن يتصرف أطفالنا بطريقة معينة؛ لكنَّ الواقع مختلفٌ لأنَّهم يكبرون وينضجون؛ فترانا نصاب بالقلق والتوتر عندما لا يوافق واقعُ سلوكاتهم الحالي توقعاتنا.

3. قد تتعرض للطرد أو التسريح من عملك:

قد يخلط المرء بين عمله وهويته في خضم حياته المليئة بالمشاغل؛ هذا ما يفسِّر تعقيد الأمور عندما تخسر عملك فإنَّ هذا التغيير لا يؤثر في معيشتك وحسب؛ وإنَّما في هويتك أيضاً، عندما تخسر عملك وتبدأ رحلة البحث عن عمل جديد فإنَّك تفقد هويتك، ويترتب عليك الآن معاملة التغييرات المتعلقة في كيفية تعريفك لنفسك، وهو أمر شاق؛ لأنَّ مقاومة هذه التغيرات إضافة إلى الصعوبات المالية المترتبة جرَّاء فقدان العمل أمر مؤلم للغاية.

4. قد تدرك فجأة ثقل المسؤوليات والالتزامات المترتبة عليك:

يحدث هذا عندما تلزم نفسك بكثير من الواجبات وتصل إلى مرحلة الشعور بالإرهاق من ثقل الواجبات المترتبة عليك وضيق الوقت المخصَّص لإنجازها، فتدرك أنَّه ثمة تغييرات جديدة؛ لأنَّك لا تستطيع إرضاء الجميع ولا العمل على كثير من الالتزامات في الوقت نفسه، ويزعجك هذا الأمر؛ لأنَّك ظننت أنَّك قادر على إنجاز كل مسؤولياتك؛ لكنَّك عجزت.

شاهد بالفيديو: 6 وسائل للتغلب على الإرهاق الذهني

 

5. وفاة صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة:

يُعَدُّ الموت من أقسى التغيرات الحياتية التي يختبرها الإنسان، لا يعود المرء إلى سابق عهده عند فقدان الشخص الذي أضفى معنى على حياته؛ بل يصبح الصديق الذي يمضي وقته وحيداً، والأرملة بدل الزوجة، والأب من دون طفلته.

نحن نريد أن تعود الحياة إلى سابق عهدها قبل حدوث فاجعة الموت؛ لكنَّ هذا مستحيل، فإنَّ التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة؛ فكل جزء من الثانية يختلف عمَّا قبله، ومع ذلك نقاومه.

ينجم ألم تغيرات الحياة عن شعورنا بفقدان السيطرة على تحوُّلات الواقع المخالفة لتوقعاتنا، ويكمن سر إيجاد الجمال بين طيَّات الألم في مواجهة التغيير بطرائق سليمة غير بائسة.

يمكن أن يُعامل المرء التغير بطريقة يائسة من خلال أساليب عديدة:

  • الصراخ على الآخرين وعلى أنفسنا.
  • المشروبات الكحولية.
  • تعاطي المخدرات.
  • الإكثار من مشاهدة العروض التلفزيونية غير المفيدة.
  • الاستسلام والخمول والشعور بالأسى حيال أنفسنا.

بإمكاننا معاملة الأمر بطريقة سليمة من خلال:

  • ممارسة التمرينات الرياضية.
  • التأمل وتمرينات اليقظة الذهنية.
  • مناقشة المشكلات مع استشاري أو مدرب.
  • التركيز على الخطوات التالية، مثل محاولة التحكم بالأمور الواقعة ضمن نطاق سيطرتنا بدلاً من التوق إلى السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه.

تتطلب استراتيجيات المواجهة السليمة تقبُّل تغيرات الحياة بوصفها وقائع أساسية تستلزم القبول والتعايش، والبحث عن الجمال في طيَّاتها، وتكمن الصعوبة هنا في اعتياد المرء مقاومَتها.

إليك كيف تجد الجمال في الأمثلة المذكورة آنفاً:

1. صراخ أحد الأشخاص الذين تكنُّ لهم الاحترام عليك:

قد يكون هذا الشخص متألماً أو محبطاً أو غاضباً؛ فصبَّ جام غضبه عليك؛ لأنَّه يُعِدُّك مقرباً منه، هو يمد يده طالباً المساعدة للخلاص من مأزق فقد السيطرة عليه فحريٌّ بك أن تتعاطف مع الموقف، يتعرض الجميع لمثل هذه الظروف حتى أنت، ثمة جمال في هذه التشابهات والمعاناة المشتركة والعلاقات المتشابكة بيننا نحن البشر.

عليك تقبُّل هذا الإنسان الجميل الجريح والشعور بألمه الناجم عن مواجهته للتغيير في حياته والتعاطف معه والاستمرار بحياتك دون أن تأخذ ما يقوله على محمل شخصي.

شاهد بالفيديو: 20 حكمة وقول عن الغضب وسلبياتهِ

 

2. رفض طفلك الانصياع لأوامرك:

طفلك ينضج ويعلن استقلاليته، ويفكر وفق أسلوبه الخاص، ويثبت أنَّه سيد نفسه وليس مجرد تابع يطيع الأوامر، لا بدَّ أنَّك مررت بمثل هذا الموقف في العمل أو في مرحلة مبكرة من حياتك، أو أنَّك سبق أن غضبت بسبب محاولة أحدهم السيطرة عليك، ثمة جمال في هذا النوع من التطور والاستقلالية والروح المتمردة والنضج، تقبَّل هذا الجمال وكن ممتنَّاً له وابتسم، وأفسح المجال لأطفالك ليتعلموا وينضجوا.

3. التعرض للطرد أو التسريح من العمل:

على صعوبة الأمر هو نهاية تفضي إلى بداية كل شيء يأتي بعده، دع خفة البدايات تزيح عن كاهلك المتطلبات والمسؤوليات التي كانت مترتبة عليك في أثناء عملك بصفتك محترفاً وإنساناً ناجحاً، فهذه الانطلاقة الجديدة هي بداية قصة مختلفة، إنَّها فرصة لتجديد حياتك وإعادة اكتشاف نفسك، عليك رؤية الجمال في هذه الفرصة والتحرر من الروتين الثابت وإعادة بناء حياتك وفق الطريقة التي لطالما رغبت بها.

4. كثرة المشاغل:

لا شك أنَّ الحياة شاقَّة، ومع ذلك من الممكن تقدير الفوضى في التزاماتك ومهامك اليومية، لا يمكنك القيام بكل شيء أو إرضاء جميع الناس أو محاولة الفوز في جميع الجبهات، ولكن يمكنك التوقف عن محاولة السيطرة المطلقة على جميع جوانب حياتك.

ثمة جمال اعتباطي وجامح في فوضى يومك، هذه هي طبيعة الحياة؛ وهي تعني أنَّ الناس والمشاريع والرغبات والأفكار هي أشياء تثير مشاعرك؛ لذا لاحظ الألم في مقاومتك والجمال في كفاحك.

أنجز مهامك تباعاً الواحدة تلو الأخرى بشغف ومحبة، ولا تجهد نفسك بمحاولة إنجازها دفعة واحدة.

5. وفاة أحد الأحبة:

لا شك أنَّ التغير الحياتي الأكثر إيلاماً هو الموت وما يخلفه من مشاعر الحزن، وتفيد التجربة بأنَّ فقدان أحد المقربين يجعلك لا تستطيع تخيل الحياة من دونه ويفطر قلبك من الحزن وقد لا تتجاوز مرارة الفقدان أبداً.

إنَّ الموت نهاية وهو جزء هام في الحياة، النهايات ضرورية من أجل استشعار الجمال وتقدير وجود الأشخاص في حياتنا، وتبين الحدود مواطن الجمال والموت هو الحد المؤكد الذي لا يمكن تجاوزه.

يجعلنا الموت نعي وجود هذا الشخص أو الحالة الجميلة وتقدير ذكرياتنا معه، فالموت هو بداية أيضاً؛ لأنَّ خسارة شخص مميز في حياتنا تعتبر فرصة لإعادة استكشاف ذاتنا كما في حالة خسارة الوظيفة.

يدفعنا الرحيل إلى إعادة استكشاف حياتنا وتجربة الجمال في مواضع جديدة لم نلاحظها من قبل، وبالتأكيد يُعَدُّ الموت فرصة لاحتفاء المرء بحياته والامتنان للجمال فيها.

في الختام:

يجب على المرء تقدير وقته حتى في اللحظات المليئة بتغيرات الحياة الأليمة، والاحتفاء بالتقلبات والتحولات والدروس المستفادة والقوة المكتسبة للسمو فوقها والتعايش معها.

لا تتحدد شخصيتك بالظروف التي خضتها؛ وإنَّما بكيفية تخطيك لها، وهذا الذي يشكل شخصيتك الحالية والمستقبلية.


رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى