5 نصائح تساعدك على تصميم برنامج تدريبي بدون إرهاق رقمي

قد نعتقد للوهلة الأولى وبسبب طبيعة العصر التي تفرض علينا قضاء كثير من الوقت على الإنترنت أنَّ الإرهاق الرقمي أمر لا مفر منه بالنسبة إلى الموظفين، وستعرف من خلال هذا المقال ما إذا كان الإرهاق الرقمي يؤثر سلباً في مبادرات التدريب الخاصة بشركتك، وما هي النصائح التي تساعدك على تقليل التأثير السلبي لهذه الظاهرة وجعل التدريب ممتعاً أكثر.

يقضي الموظفون اليوم الكثير من الوقت أمام الشاشات، وهو أمر ضروري بلا شك، ولكنَّه قد يؤدي أيضاً إلى الإرهاق الرقمي، ويتعدى تأثير هذا الإرهاق النفسي أداء الموظف ليؤثِّر أيضاً في قدرته على استيعاب وتطبيق المعارف الجديدة؛ مما يؤدي في النتيجة إلى فشل برنامج التدريب؛ لذلك تقع على عاتق الشركات وفِرَق التعليم والتطوير مسؤولية تصميم التدريب بشكل يُقلِّل من الإرهاق الرقمي ويُعزِّز الإنتاجية ويرفع من جودة النتائج والروح المعنوية للموظف.

كيف يؤثِّر الإرهاق الرقمي في جودة التدريب؟

يمكن أن يؤثِّر الإرهاق الرقمي في أي مجال من مجالات العمل؛ بما في ذلك التدريب، وتُوجَدُ عدة علامات تُنبِئ بالإرهاق الرقمي، ومن ثم تستطيع أن تقوم بعدة إجراءات للتخفيف من هذه الظاهرة أو منعها حتى من إفساد نتائج التدريب.

إحدى هذه العلامات على سبيل المثال هي تأجيل الموظفين للتدريب بشكل متكرر، أو حصولهم على نتائج ضعيفة أكثر من المُعتاد، ووفقاً لدراسة أجراها موقع ديلويت (Deloitte) فقد أفاد ثلث الأمريكيين تقريباً بأنَّهم شعروا منذ بداية الجائحة بالإرهاق بسبب كثرة الأجهزة الرقمية التي يتعيَّن عليهم التعامُل معها.

من الممكن أن تكون الجائحة قد بدأت بالزوال، لكنْ ما يزال الإرهاق الرقمي ظاهرة موجودة لها آثارها السلبية، وتُظهِرُ الأبحاث أنَّ 22% من العاملين عن بُعد يرغبون في ترك وظائفهم بسبب اضطرارهم إلى التعامل مع الكثير من رسائل البريد الإلكتروني.

ما الذي يستطيع خبراء التدريب تقديمه من أجل منع الإرهاق الرقمي من إفساد برامج التدريب على وجه التحديد؟ إليك فيما يلي 5 نصائح تساعدك في هذا المجال.

1. وفِّر المزيد من فرص التواصل عبر الإنترنت وفي الواقع:

في حين أنَّ التدريب الرقمي المتاح عند الطلب ملائم للغاية، إلَّا أنَّ الافتقار طويل الأمد إلى التواصل الفعلي يمكن أن يؤدي أحياناً إلى شعور الموظف بالعزلة والإرهاق أمام الشاشة.

لكنْ يمكن لمصممي برامج التدريب من خلال الأدوات المناسبة منع هذه النتائج من الحدوث وتشجيع المتعلمين على التواصل، وما يزال من الهام – على الرغم من أنَّ التعليم يتبع نهجاً رقمياً أكثر من أي وقت مضى – القيام بالتعليم الاجتماعي كي يتمكن الموظفون من التواصل بشكل غير رسمي، والتعلُّم بشكل جماعي، وخلال مواقف الحياة الواقعية.

أظهرَتْ دراسةٌ قيام 28% من الشركات بالاعتماد على التعليم الاجتماعي في عام 2021 مقارنةً بـ 19% في عام 2020.

تُوجَدُ بعض المزايا للتعلُّم الإلكتروني من شأنها تسهيل التواصل وهي:

  • تطبيقات الدردشة: التي تسمح للموظفين بالحصول سريعاً على التعليمات والتغذية الراجعة والدعم.
  • المنتديات: التي تُمكِّن الموظفين من التواصل بشكل جماعي حول موضوعات معيَّنة تتعلق بالتدريب.
  • المجموعات: التي تسمح للجميع بالتواصل وتُمكِّن المستخدمين من مشاركة مصادر التعليم مع بعضهم بعضاً بسهولة.

وسائل التواصل والتعاون هامة للغاية لجعل التعلُّم عبر الإنترنت تجربة ممتعة، لكنْ يحتاج الموظفون على الرغم من ذلك إلى بعض الوقت بعيداً عن الشاشات لتقليل آثار الإرهاق الرقمي.

يمكن أن يؤدي تنظيم جلسات تدريب شخصية من حين إلى آخر – بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعملون في نفس المكتب أو في نفس البلد – إلى تقليل الإرهاق الرقمي، ويمنح هذا الإجراء الفرصة للموظفين للتواصل فيما بينهم، والتعلُّم سويةً واختبار معارفهم في بيئة تعلُّم تقليدية نسبياً؛ مما يضفي على الإجراءات الرقمية بعض التنوع.

شاهد بالفيديو: 9 عناصر تجعل برامج تدريب الموظفين ناجحة للغاية

 

2. استفد من الروح التنافسية لدى المتعلمين:

لا يجب أن يشعر المتعلمون بالملل أو عدم الجدوى من تجربة التعلُّم؛ لأنَّ ذلك يؤثِّر في مشاركة المتعلمين؛ على سبيل المثال وجدَ استطلاع – أُجريَ مؤخراً حول التدريب على التوعية بالأمن السيبراني “أمن الحواسيب” – أنَّ التدريب الممل أدى إلى إضعاف المشاركة لدى الموظفين، وفي النتيجة الاستمرار في سلوكات خطرة.

لكنَّ التدريب أمر لا غنى عنه، مع الإحصاءات التي تشير إلى أنَّ 70% من الموظفين يقولون إنَّهم يفتقرون إلى المهارات المطلوبة للقيام بوظائفهم، وهنا يأتي دور خبراء التعليم والتطوير في تحفيز الموظف على التعلُّم، وأحد هذه الأساليب هو التلعيب.

غالباً ما يتحمس الموظفون عندما يعلمون أنَّه يُوجَدُ شيءٌ ما ينتظرهم في نهاية التدريب وخلاله، إلى جانب تلبية متطلبات شركتهم، ويمكن لعدة وسائل أن تُوفِّر الحافز المطلوب لهذه العملية؛ مثل التحديات والحوافز والشهادات والثناء والتنافس على الصدارة والألعاب الجماعية التي يتنافس خلالها فريقان أو أكثر على حصد النقاط، وفائدة هذه الأساليب هي أكثر من مجرد فائدة رمزية؛ إذ إنَّ الموظف يثابر على أداء العمل بطريقة جيدة عندما يعلم أنَّه أبلى حسناً في دورة التدريب عبر الإنترنت.

3. اجعل دورة التدريب قصيرة:

يساعد التعليم المُصغَّر أو نشاطات التعليم القصيرة ذات الأهداف الأحادية الموظفين ليس على اكتساب المعارف والاحتفاظ بها بسهولة أكبر فحسب؛ بل تُخفِّف من الإرهاق الذي قد يشعرون به أيضاً، ويمكن للمدربين – من خلال الدورات القصيرة والمحتوى الذي يقدَّم من خلال الوسائط المتعددة والذي يهدف إلى مساعدة الموظفين على إنجاز مهامهم – أن ينجحوا في مواءَمة التدريب مع جداول عمل الموظفين، ويحتاج خبراء التعليم والتطوير إلى تقنيات مرنة تدعم مختلَف أشكال التعلُّم مثل الفيديوهات؛ إذ تساعد هذه التقنيات على تسهيل عملية التقييم، ومثال عن ذلك الأحاجي المؤتمتة.

4. خصِّص التدريب ليتلاءَم مع مهارات الموظفين وخياراتهم المفضَّلة:

إحدى مسؤوليات المدربين هي تصميم برامج التدريب التي تستهدف المهارات والأهداف الهامة بالنسبة إلى القوى العاملة، لكنْ يجب أيضاً في نفس الوقت إيلاء الاهتمام بحاجات الموظفين الخاصة وما يفضلونه.

تُمكِّن التكنولوجيا من تخصيص عملية التدريب إلى أقصى حد من خلال إنشاء مسارات تدريب تلائِم كل فرد على حدة، وتقوم بعض أنظمة التعليم على اختيار الخطوات الخاصة بتجربة المُتعلِّم بشكل تلقائي اعتماداً على المهارات والكفاءات والأهداف والوظائف والمؤهلات والاهتمامات وغير ذلك مما يتعلق بالموظف؛ فمثلاً تقترح هذه الأنظمة ما إذا كان شخص ما يحتاج إلى إعادة النشاط في جانب معيَّن، أو يمكنه الانتقال إلى النشاط التالي.

يمكن أيضاً أن تقترح هذه الأنظمة وحدات الدورات التدريبية والفيديوهات ومنتديات لطرح الأسئلة وتلقِّي الإجابات ومقالات وغير ذلك من الأشياء التي من شأنها تخصيص عملية تطوير المهارات بما يلائم كل فرد.

5. استخدِمْ عدة نماذج من التعليم:

يحسِّن الدمج بين أسلوبي التعليم المباشر والتعليم عند الطلب من جودة التعليم ويجعله تجربة ممتعة أكثر، لكنْ وعلى الرغم من صعوبة التدريب المباشر سواءَ الشخصي أم عبر الإنترنت – خاصةً بالنسبة إلى الفِرَق الكبيرة على اختلاف المناطق الزمنية – إلَّا أنَّه يوفِّر مزايا لا يمكن إنكارها، وخاصةً عند تطبيق العناصر التفاعلية مثل لعب الأدوار وأسلوب الأسئلة والأجوبة والعصف الذهني.

تسمح جلسات التدريب المباشر للموظفين بالمشاركة مع بعضهم بعضاً، والحصول على تغذية راجعة في الوقت الفعلي للدورة، وتذكُّر أسماء بعضهم بعضاً، ويمكن للتفاعل الاجتماعي أن يحفِّز المتعلمين على المشاركة في التدريب لشعورهم بأنَّه نشاط هادف.

يُوفِّر التدريب عند الطلب الكثير من الفوائد أيضاً؛ منها القدرة على استخدام ومراجعة المعلومات عندما يناسب ذلك جداولهم الزمنية، وعندما لا يكون التدريب تفاعلياً إلى درجة كبيرة، يمكن للتعلُّم الإلكتروني عند الطلب أن يكون مريحاً ومنخفض التكاليف.

يحقق هذا النوع من الإجراءات التي تدمج بين أكثر من نموذج للتعليم فوائد لكل من الشركة والمتعلمين، ويمكن للمدربين أن يبدؤوا برنامجاً تدريبياً من خلال اتِّصال مباشر يوضحون فيه المجال الذي تشمله الدورة التدريبية وأهدافه، بالإضافة إلى تلقِّي الأسئلة من المتعلمين. بعد ذلك يمكن للمتدربين التعلُّم بالسرعة التي تناسبهم عندما يسمح لهم وقتهم بذلك، ويمكنهم قراءة المقالات ووحدات الدورات التدريبية ومقاطع الفيديو ونشر الأسئلة في المنتديات وغير ذلك، ويمكن للمكالمات الجماعية الدورية، والجلسة المباشرة الختامية التي يضع فيها المتدربون المهارات التي تعلموها موضع التنفيذ أن تكون خاتمة للدورة التدريبية.

في الختام:

أصبح الموظفون في عصرنا هذا أكثر عرضة إلى الإرهاق الرقمي، وإذا لم تتم السيطرة عليه، فمن الممكن أن يؤدي إلى الاحتراق الوظيفي، ويجب على المدربين أن ينتبهوا إلى العلامات المبكرة التي تنبِئ بالإرهاق الرقمي، ومن ثم تصميم برامج التدريب؛ حيث تكون ممتعة ومجزية ومُختصَرة ومرنة؛ وبذلك يتحمس الموظفون لقضاء المزيد من الوقت في بيئة التعلُّم الرقمية.


رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى