7 دروس وعِبَر حياتية هامة نتعلمها بالمعاناة والتجارب الصعبة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب “مارك كرونوف” (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن أهم الدروس التي نتعلمها في حياتنا بعد المرور بتجارب صعبة.

أُدرك الآن في خضَمِّ حُزني أنَّ تلك الفاجعة المأساوية علَّمَتني ثلاثة أشياء هامة؛ أولُها أنَّه يمكن لأسوأ الأحداث والمآسي أن تُصيب أفضل الأشخاص دون أي سبب واضح لذلك على الإطلاق؛ وثانيها هو أنَّ مُعظَم الناس – وحتَّى أولئك الذين لا تعتقد أنَّهم يهتمون لأمرك – هم أشخاصٌ طيبون بصدق ويهتمون لأمرك فعلاً؛ وأخيراً، كما يصعُب رؤية كلِّ الفرص التي تمنحك إيَّاها الحياة والانتباه إليها حتَّى تنظرَ إلى الخلف وتتذكر الماضي، فإنَّه من المستحيل تقريباً فهمُ بعض الأحوال والظروف المُعيَّنة في الحياة بصورة كاملة حتَّى تُصيبك فعلياً.

أودُّ اليومَ التوسع أكثر في النقطة الأخيرة التي ذكرتُها أعلاه؛ لذا سأتحدث عن سبعة دروس حياتية هامة يتعلمها الجميعُ تقريباً في نهاية المطاف بعد المعاناة والمرور بالتجارب الصعبة:

1. بقاء الأشخاص الذين نخسرهم في قلوبنا:

ستواجه يوماً ما حقيقةَ الموت أو خسارة الأشخاص الذين تحبهم، وسيتَّضح لك مع استمرار الحياة وتعاقُب الأيام والليالي أنَّك لن تتوقف أبداً عن افتقاد شخصٍ مُميَّز في حياتك حين يُتوفَّى أو الاشتياق له؛ بل تتعلم فحسب أن تعيشَ مع فجوة الفراغ التي يولِّدُها غيابُه وتتعايشَ مع ألم فقدانه.

حين تفقد شخصاً عزيزاً على قلبك لا تستطيع تخيل الحياة دونه، ينكسرُ قلبك بشدة ويُفتَح فيه جرحٌ كبير من الصعب التئامُه، لسوء الحظ، لن تنسى تلك الخسارة ولا تتعافى منها أو تتجاوزها تماماً على الإطلاق، كما أنَّك لا تنسى ذلك الشخص أبداً؛ لكنَّ الجانب الإيجابي من ذلك هو أنَّ الشخص الذي فقدتَه سيبقى حياً في دفء قلبك المكسور الذي لن يُشفى بالكامل، ولن يندمل جرحُه مرةً أخرى، كما أنَّك ستستمر بعيش التجارب والتقدم في حياتك على الرَّغم من ذلك الجرح الذي تحمله في قلبك، والذي يمكن تشبيهه بكسرٍ شديد في الكاحل؛ والذي لا يلتئم التئاماً تاماً على الإطلاق وسيظلُّ يؤلمك حين ترقص مثلاً؛ لكنَّك تستمر بالرقص على أي حال على الرَّغم من معاناتك من بعض العرَج؛ إذ إنَّ هذا العرَج يعزز من عمق أدائك وقوته وأصالة شخصيتك.

2. البحثُ عن السعادة هو إيجاد المغزى من الحياة:

لا يُعَدُّ السعي إلى الحصول على السعادة مماثلاً على الإطلاق للشعور بالسعادة أو السرور والذي يُعدُّ شعوراً خاطفاً وسريعاً معتمداً على ظروف لحظيةٍ مؤقَّتة؛ فإن كانت الشمسُ ساطعةً، فعليك أن تتمتَّعَ بدفئها بكل تأكيد لأنَّ الأوقات السعيدة عظيمةٌ للغاية وغالباً ما تكون ممتعةً ومسلية؛ لكنَّها تمضي بسرعةٍ بسبب مرور الوقت بسرعة، وهو أمرٌ نادراً ما نفهمه ونستوعبه في البداية.

من ناحية أخرى، فإنَّ السعي طوال العمر وراء السعادة أمر صعب المنال بدرجة أكبر؛ لأنَّه ليس مبنياً أو قائماً على نتيجة مُحدَّدة، فما تلاحقه أو تبحث عنه فعلياً هو المعنى أو المغزى من الحياة في سبيل عيش حياة هامة وهادفة؛ ويبدأ الأمرُ بالسبب الذي يدفعُك إلى فعل كلِّ ما تفعله في حياتك؛ إذ تكون ساعياً إلى السعادة عندما يكون ذلك السبب ذا أهمية ومغزى، وستمرُّ عليك أوقاتٌ تسوء فيها الأمور كثيراً لدرجة أنَّك بالكاد تشعر أنَّك على قيد الحياة، كما ستمر أيضاً أوقاتٌ أخرى تُدرك فيها أنَّ عيشَ حياة صعبة بشق الأنفُس وفقاً لشروطك الخاصة أفضلُ بكثير من عيشِ عمرك كاملاً دون هدف تحيا من أجله لمدة ثمانين عاماً وفقاً لشروط وقوانين شخصٍ آخر.

السعي إلى السعادة ليس الحصول على كلِّ شيء في الحياة أو لا شيء على الإطلاق؛ بل هو خليطٌ من الاثنَين مع تقلُّبات ونجاحات وإخفاقات ودروس وعِبَر كثيرة جديرة بالاهتمام ونافعة خلالَه؛ وبعبارة أخرى، فإنَّ الطريق الأكثر سهولةً لتحقيق السعادة هو معرفة ما تفعله جيداً والإيمان به ومحبَّته، إضافة إلى حبِّ الشخص الذي يشاركك رحلة حياتك في فعله بصرف النظر عن النتيجة التي تؤول إليها الأمور في النهاية.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لإعادة إحياء السعادة في حياتك

 

3. السعي إلى تقبُّل الآخرين ونيل استحسانهم مُعجِزٌ ومُفسِد لقيمتك:

لا بدَّ أنَّ الخوف من الرفض قد أعاقك ومنعَك من التقدم في حياتك يوماً ما، أو لربَّما كنتَ خائفاً للغاية ممَّا قد يظنُّه الآخرون بك، أو يقولونه عنك لدرجة منعتك من اتخاذ خطوة، أو إجراء إيجابي؛ لذا فقد حان الوقت لتغيير عقليتك وطريقة تفكيرك؛ فالإنسان الوحيد الذي ينبغي لك محاولةُ أن تكون أفضل منه هو الشخص الذي كنتَ عليه بالأمس؛ ومن ثَمَّ، عليك أن تثبتَ جدارتك لنفسك وليس للآخرين، وتؤمنَ بأنَّك جيدٌ وذكي وطيب وقوي بما فيه الكفاية، ولستَ بحاجةٍ إلى نيل استحسان الآخرين وتقبُّلهم؛ لأنَّك إنسان قيِّمٌ ونفيس بالفعل.

لا يغيِّر تعرُّضُك للرفض من قبل الآخرين أو قولُ الأشياء السلبية والسيئة عنك أيَّ شيءٍ يخصُّك؛ إذ لا تملك كلمات الآخرين وآراؤهم أيَّ أثر حقيقي في قيمتك الفعلية وأهميتك؛ إذ يمكن لها بالطبع أن تكون مفيدةً ومُستحَبَّة لترك انطباعٍ حسنٍ في مواقف مُعيَّنة؛ ومع ذلك، فإنَّ تعرُّضك للرفض لا يعني نهاية العالم.

من الرائع تلقِّي التغذية الراجعة الإيجابية من قبل الآخرين، إلَّا أنَّه ببساطة أمرٌ لا يحدث دائماً، لكن لا بأس بذلك لأنَّك تعرفُ وجهتك في هذه الحياة، كما تعلم أنَّ قيمتك الحقيقية لا تعتمد على أحكام الآخرين وتقييمهم لك؛ فحين تنوي إحداثَ فرقٍ حقيقي وصادق في الحياة، ستجدُ مَنْ يُعارضك بشدة ومَنْ يتجاهلك ويهملك، إضافة إلى الأشخاص الذين يرفضون بسرعة وبكل صراحةٍ أفكارَك وجهودك رفضاً كلياً؛ لذا تجاوزْ آراءَهم وأحكامهم وانظرْ أبعدَ من ذلك وتقدَّمْ إلى الأمام بقوة وثقة، وافعلْ ما يتحتم عليك فعلُه، ودعْهم يفكرون بِما يريدونه.

4. ألم الندم أسوأ بكثير من الألم الناجم عن الخوف:

حين نستسلم لمخاوفنا ونرضخ لها، نجدُ صعوبةً كبيرةً في النظر إلى أنفسنا في المرآة، وللأسف، يتعلم معظمنا هذا الدرس من واقع تجربته مباشرةً، لكن يتعلمُ الإنسان جيداً ما ينبغي فعلُه إن اختبر تلك المشاعر من قبل مرةً أو مرتين؛ إذ لا تأتينا فرصة النجاح إلا بعد أن نخاطر بالخسارة، سواء أكان الأمر الاستقالة من وظائفنا لإنشاء مشروع تجاري خاص أم الركض في ماراثون أم السفر إلى أماكن مجهولة من العالم.

تتطلب أيُّ محاولة قيِّمة أو مسعىً هاماً في هذه الحياة المخاطرةَ والنضالَ والتضحية؛ وقد تُشعِرك بعضُ تلك المُجازَفات بالرعب والرهاب حتَّى، وهُنا يجب عليك أن تسأل نفسَك إن كانت تلك المخاوف أقوى من خوفِك بأن تهدر حياتك وتضيِّعَها سدىً دون جدوى، والذي يُعَدُّ أسوأ المخاوف التي قد تراود الإنسان وأقواها على الإطلاق.

إن وجدتَ أنَّك لم تفقدْ صوابك نحو الجنون من قبل على الإطلاق، فهذا يعني أنَّك لم تتَّبعْ صوتَ قلبك أبداً، فمن الأفضل أن تعيشَ حالةً من الذهول والتعجُّب من الأفعال والتصرفات التي أقدمتَ عليها عندما تستذكر حياتك، بدلاً من تمنِّي فعل أشياء كنت تريدها حقاً ولم تقوَ إطلاقاً على تنفيذها.

لذا لا تدع الوقت يفوتُك؛ إذ ستشعرُ كأنَّه يدٌ تلوِّح لك من قطارٍ يبتعد عنك بعد أن كنتَ ترغب بشدة في الصعود إليه، ولا تُمضِ ما تبقى من حياتك تفكرُ بالسبب الذي منعَك من فعل ما تستطيع فعلَه في الوقت الراهن؛ بل عِشْ حياتك بكل تفاصيلها ومغامراتها وجازِفْ وغامرْ واشعرْ بالشغف واكتشف الحب وتمتَّعْ بالحرية.

5. غموض الحياة أشد من أن تضع توقعاتٍ صارمة:

حين تتوقف عن التنبُّؤ ووضع الافتراضات والتوقعات عن سير الأمور بطريقة مُعيَّنة في حياتك، يمكنك عندَها أن تقدِّر حياتك على ما هي عليه، وستُدرك في نهاية المطاف أنَّ أعظم العطايا والهِبات التي تهديك إياها الحياة نادراً ما تُغلَّف وتُقدَّم إليك بالطريقة التي توقعتَها.

ستجدُ عندَ اتباعك سلوكاً إيجابياً وتمتُّعك بعقلٍ مُنفتح ومستعد لتقبُّل أفكار جديدة أنَّ الحياة ليسَت بالضرورة أكثر سهولةً أو صعوبةً ممَّا كنتَ تعتقد أنَّها ستكون عليه، والحقيقةُ فقط أنَّ السهل والصعب في هذه الحياة ليسَا على النحو الذي توقعتَه تماماً، ولا يحدثان دوماً حين تنتظر منهما ذلك؛ ولا يُعدُّ هذا أمراً سيئاً؛ بل يجعل من حياتنا مشوقةً ومثيرة للاهتمام.

تقدِّم لك الحياة معظم الوقت التجاربَ والخبرات الأكثر فائدةً ونفعاً، والتي تساهم في تطوُّرك الشخصي، ويمكنك أن تعرفَ وتتأكد من حاجتك الفعلية للتجربة التي تخوضُها حالياً من خلال عيشك لها ومرورك بها فقط، ويتبقَّى لك الاختيار بعد ذلك بأن تتقبل تلك التجربة، وتنتهزها وتستثمرها في تطورك وتقدُّمك، أو تقاومَها وتضعُفَ لتتلاشى شخصيتُك تدريجياً.

بالطبع، فإنَّ السرَّ هو تقبُّل أنَّه ليس من المُقدَّر لكلِّ شيءٍ أن يحدث؛ وعندما لا تؤول الأمور للنتائج التي توقعتَها، عليك أن تجلس مع نفسك بجديةٍ وتُدرك أنَّك كنتَ مخطئاً بشأنها طوال الوقت وتفهمَ جيداً أنَّها كانت مُجرَّد أوهام لم تكُنْ أبداً كما ظننتَها، ولعلَّ إدراكك بأنَّك تشعر بالفقدان أو الخسارة أحدُ أصعب الإدراكات تقبُّلاً، على الرَّغم من أنَّه لم يكُن لديك في الواقع ما كنتَ تعتقد أنَّك تملكه في المقام الأول.

6. انتهاء محاولاتك للهروب دوماً بمراوحة مكانك:

حين تركز بشدة على عدم التفكير بأمرٍ ما، سينتهي بك المطاف بالتفكير به حتماً، وتصحُّ هذه الفلسفةُ ذاتُها حين يتعلق الأمر بتحرير عقلك من إحدى تجارب الماضي السيئة أو السلبية؛ فمن خلال محاولاتك المستمرة للابتعاد عن أمرٍ لا تريده ولا تحبُّه، ستُضطَرُّ مُرغَماً إلى التفكير به كثيراً لينتهي بك الأمرُ بحملِ ثقله معك دائماً وتحوُّلِه إلى عبءٍ على عاتقك؛ أمَّا إن قررتَ بدلاً مما سبق تركيز طاقتك على التوجه لتحقيق شيءٍ تحبُّه وترغب فيه فعلاً، فإنَّك تترك وراءَك كلَّ التأثيرات والأعباء السلبية بصورة طبيعيةٍ فيما تتقدم إلى الأمام في حياتك.

خلاصة القول هي أنَّ الهروب من مشكلاتك سباقٌ لن تفوزَ به أبداً؛ لذا عليك أن تتَّجه نحو حلِّ مشكلاتك وتذليل العوائق التي تعترض طريقك، بدلاً من الهروب والابتعاد عنها؛ وبعبارة أخرى، ركِّزْ على إحداث الأمور الإيجابية في حياتك، والتي ستحلُّ محلَّ السلبيات والمشكلات، بدلاً من محاولة التخلُّص من السلبيات واستبعادها.

شاهد بالفيديو: 10 دروس قاسية ستجعلك أكثر نجاحاً

 

7. الشدائد والمِحَن غير المُتوقَّعة حتميةٌ ومفيدة:

لن يهاجمك أو يفاجئك أيُّ شخصٍ في هذا العالم بقدر قساوة ما ستفعلُه الحياة بك؛ إذ ستوجه لك أحياناً ضربات عدة ومصائب من شأنها أن تطرحك أرضاً وتُصيبك بالإحباط والعجز الدائم إن سمحتَ لها بذلك، لكن لا يتعلق الأمر بمدى قسوة الحياة وصعوبة العقبات التي تضعُها في طريقك؛ بل بمقدار صبرك وتحمُّلك لكلِّ ما يُصيبك، بينما تستمر في التطور والتقدم في حياتك، فتلك هي القوة والصلابة الحقيقية التي يتمحور حولَها كلُّ ما يتعلق بالفوز في لعبة الحياة.

إذ تصبح شخصاً أقوى حين تكون غارقاً في المصاعب والمشكلات التي يمكنك البكاء والتذمُّر كثيراً بشأنها؛ لكنَّك تفضِّل رسم ابتسامة على وجهك واتخاذ خطوة إيجابية للتقدم في حياتك، بدلاً من ذلك؛ لذا عليك أن تتعاملَ مع الصعوبات والشدائد التي تواجهك وتحاول معالجتها، وتتأكَّدَ بأنَّك لن تفقد السيطرة على أمور حياتك، ولن تنهار حتَّى عندما تشعر كما لو أنَّ حياتك تتداعى حولك، وتتحكمَ بمشاعرك قبل أن تتيح لها المجال بالتحكم بك، وتتذكرَ أنَّ كلَّ شيءٍ سينتظم ويتَّضح ويعود إلى وضعه الطبيعي في النهاية، وحتَّى ذلك الوقت، تعلَّمْ بقدر ما تستطيع، واضحكْ كثيراً، وعِشِ الحاضر لحظةً بلحظة، واعلمْ أنَّ كل ذلك يستحق التعب والمجهود في النهاية.

في الختام:

قال الزعيم الروحي الهندي “مهاتما غاندي” (Mahatma Gandhi) ذات مرة: “عشْ كما لو أنَّك ستموت غداً، وتعلَّمْ كما لو أنَّك ستعيش للأبد”، وهو اقتباسٌ أحبُّه للغاية، فلا شكَّ على الإطلاق أنَّ كل يوم من حياتنا هو هدية تمثِّل فرصةً للعيش والتعلُّم والتطور.

لذا، كُنْ تلميذاً للحياة وانغمسْ في تجاربها وانهَلْ من معارفها وعلومها بقدر ما تستطيع ريثما يمكنك ذلك، فربَّما يتعين عليك خسارةُ بضعة أشياء في سبيل اكتساب أشياء أخرى، وقد تُضطَرُّ كذلك لتعلُّم بعض الأمور بعد معاناة وتجارب صعبة، لكن عليك أن تعلم أنَّه لا ضررَ في ذلك، فكلُّ التجارب والخبرات ضرورية؛ فالهدفُ من حياتك هو أن تعيشَها بكلِّ معنى الكلمة، وتشارك فيها لأقصى درجة ممكنة، وتسعى بعقلٍ منفتح وقلبٍ صادق إلى نهلِ أحدث الخبرات والتجارب التي تقدمها لك وأغناها.


رابط المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى